فقلت: ليس هذا عناء، وقلت له: يا هذا أنت اليوم رأس، والناس يقتدون بك، فواللَّه لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن بإجابتك خلق كثير من خلق اللَّه، وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فأنت تموت، ولا بدَّ من الموت، فاتق اللَّه ولا تجبهم إلى شيء.
فجعل أحمد يبكي ويقول: ما شاء اللَّه، ما شاء اللَّه.
ثم قال لي أحمد: يا أبا جعفر، أعد علي ما قلت، فأعدت عليه، فجعل يقول: ما شاء اللَّه، ما شاء اللَّه.
"مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص ٣٩١
قال أبو عبد اللَّه محمد بن الحسن بن علي البخاري: سمعت محمد بن إبراهيم البوشنجي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: دعوت ربي ثلاث دعوات، فتبينت الإجابة في ثنتين، دعوته ألا يجمع بيني وبين المأمون، ودعوته ألا أرى المتوكل، فلم أر المأمون، مات بالبذندون -وهو نهر الروم- وأحمد محبوس بالرقة، حتى بويع المعتصم بالروم، ورجع فرد أحمد إلى بغداد سنة ثمان عشرة ومائتين، والمعتصم امتحنه.
فأما المتوكل فإنه لما أحضر أحمد دار الخلافة ليحدث ولده، قعد له المتوكل في خوخة، حتى نظر إلى أحمد ولم يره أحمد.
"مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص ٣٩٢
قال ابن الجوزي: أخبرني أبو العباس -وكان من حفاظ أهل الحديث- أنهم دخلوا على أحمد بالرقة وهو محبوس، فجعلوا يذاكرونه ما يروى في التقية من الأحاديث.