قال محمد بن إدريس بن محمد الخياط: قال من حضر الضرب ومحنة أحمد: واللَّه أنا رأيت بعد ما استرخى أحمد في الضرب، كاد أن ينحل مئزره حتى خرج يدان من خاصرته فشدَّت المئزر، وغشي عند ذلك على المعتصم، حتى حمل بين اثنين، قال: فبلغني أن المعتصم كان يقول في منامه: يا أحمد، إني قد عفوت عنك فاعف عني، وإلا فخذ السوط فاقتص مني.
قال أبو علي حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ذهب عقلي مرارًا، فإذا رفع عني الضرب رجعت إليّ نفسي، وإذا استرخيت وسقطت رفع عني الضرب، أصابني ذلك مرارًا وأنا لا أعقل.
وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكان ابن أبي دؤاد قبل أن أضرب يختلف إلي وإذا أخذه القلق ذهب إلى أبي إسحاق، وجاء إلي بالوعيد والتهديد، وحاجبه ابن دنقش أيضا يمشي برسالة أبي إسحاق يقول لك كذا، يقول لك كذا، فلما لم يروا الأمر يصير إلى الذي أرادوا، عزموا على أن ينالوني بما نالوني به.
فقال له أبو بكر بن عبيد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، فكيف رأيته هو -يعني: أبا إسحاق؟ قال: رأيته في الشمس قاعدا بغير ظلة، فربما لم أعقل وربما عقلت، إذا أعاد الضرب ذهب عقلي فلا أدري، فيرفع عني الضرب. فسمعته يقول لابن أبي دؤاد: لقد ارتكبت إثمًا في أمر هذا الرجل.
فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه واللَّه كافرٌ مشرك، قد أشرك من غير وجه. فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد، وقد كان أراد تخليتي بغير ضرب، فلم يدعه، ولا إسحاق بن إبراهيم، وعزم حينئذ على ضربي.