قال أبو علي: وبلغني عن النوفلي قال: قال أبو إسحاق لابن أبي دؤاد بعد ما ضرب أحمد، وهو يسأله: كم ضرب؟ فقال ابن أبي دؤاد: نيفًا وثلاثين -أو أربعة وثلاثين- سوطًا.
قال أبو عبد اللَّه: فقال لي إنسان ممن كان حضر: ثم إنا ألقينا على صدرك بارية وأكببناك على وجهك ودسناك.
قال أبو عبد اللَّه: وما عقلت بهذا كله، وأمر بإطلاقي فلم أعلم حتى أخرج القيد من رجلي.
وقال له ابن أبي دؤاد بعدما ضربت وأمر بتخليتي: يا أمير المؤمنين، احبسه فإنه فتنة، يا أمير المؤمنين، إنه ضال مضل مبتدع، وإن خليته فتنت به الناس.
فقال: يا إسحاق، أطلقه، وقام فدخل، فحينئذ عقلت بالقيد وقد نزع من رجلي. وقام أبو إسحاق فدخل من مجلسه ذلك، فلم يجد بدان أن يخلي عني، ولولا ذلك كان حبسني.
فقال أبو بكر بن عبيد اللَّه لأبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، فابن سماعة؟ فقال أبو عبد اللَّه: سمعته يقول له -وقد أوقفت من الضرب وأنا بين العقابين: يا أمير المؤمنين، إنه رجل شريف، وهو رجل في نفسه مستور، ولعله يجيب أمير المؤمنين بما يكون له وجه عما دعاه إليه أمير المؤمنين. ثم قال لي ابن سماعة: ويحك! إن أمير المؤمنين مشفق عليك، وهو ذا بين يديك، فأجبه إلى ما يريد منك.
قلت له: ما رأيت أمرًا أوضح من كتاب ولا سنة. فتنحى ابن سماعة وتكلم بكلام لم أفهمه.