قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل، نا حماد -يعني: ابن سلمة- حدثنا أبو جعفر الخطمي قال: شهدت عمر بن عبد العزيز وقد دعا غيلان لشيء بلغه في القدر فقال له: ويحك يا غيلان ما هذا الذي بلغني عنك؟
قال: يكذب علي يا أمير المؤمنين، ويقال علي ما لم أقل.
قال: ما تقول في العلم؟ قال: قد نفد العلم.
قال: فأنت مخصوم، اذهب الآن فقل ما شئت، ويحك يا غيلان إنك إن أقررت بالعلم خصمت، وإن جحدته كفرت، وإنك أن تقر به فتخصم خير لك من أن تجحده فتكفر، ثم قال: تقرأ ياسين؟
قال: نعم. فقال: اقرأ: {يس (١) وَالقُرآنِ الحَكِيمِ} فقرأ: {يسَ (١) وَالقُرآنِ الحَكِيمِ} [يس: ١، ٢]، إلى قوله {لَقَدْ حَقَّ القَولُ عَلَى أَكَثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤمِنُونَ}[يس: ٧] قال: قف، كيف ترى؟
قال: كأني لم أقرأ هذِه الآية يا أمير المؤمنين.
قال: زد، فقرأ {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغلَالًا فَهِيَ إِلَى الأَذَقَانِ فَهُمْ مُّقمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغشَينَهُمْ فَهُمْ لَا يبُصِرُونَ} [يس: ٨ - ٩] قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: قل: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يبُصِرُونَ (٩) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠)} [يس: ٩، ١٠] قال: كيف ترى؟ قال: كأني لم أقرأ هذِه الآيات قط، وإني لأعاهد اللَّه أن لا أتكلم في شيء مما كنت أتكلم فيه أبدًا. قال: اذهب.
فلما ولى قال: اللهم إن كان كاذبًا فيما قال فأذقه حر السلاح.
قال: فلم يتكلم زمن عمر رحمه اللَّه، فلما كان زمن يزيد بن عبد الملك جاء رجل لا يهتم لهذا ولا ينظر فيه فتكلم غيلان، فلما ولي هشام أرسل إليه