للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والانتساب إلى الربتين والشعارين. واعتمدت موارد بيتي المال على تحصيل الضرائب العينية من محاصيل الأرض وإنتاج المصانع وتاج الماشية وجلودها ومحصول المصايد، فضلًا عما كانت الحكومة تستثمره بواسطة رجالها من المحاجر ومناجم النحاس والذهب، وما تتولى أمره من المتاجر الخارجية أو تعود به جيوشها من الأسلاب والمغانم. ثم يتولى البيتان الإنفاق من هذه الموارد على مشروعات الدولة ومشروعات الفرعون ومرتبات الموظفين العينية بناء على توجيهات القصر الملكي لكبار موظفيه بطبيعة الحال.

وقام حكام الأقاليم بدورهم في تنفيذ سياسة حكومتهم المركزية ومشروعاتها، وحمل كل منهم لقب "عج مر" بما يعني معنى القائم على حفر الترع ليؤكد أن إشراف الحاكم على شئون الري والزراعة من أهم ما يتكفلون به ويسألون عنه من أعمال. ولم يكن الإشراف على شئون الري والزراعة من واجبات حكام الأقاليم وحدهم، وإنما حرص الملوك أنفسهم على أن يجعلوه من أولى مهام حكومتهم المركزية "وانظر ص٧٣".

وأشرف رجال البلاط الملكي على إحصاء عام كانوا يجرونه كل عامين، ويخرجون في السفن حين إجرائه ويتنقلون في النيل من إقليم إلى إقليم في موكب عبرت الحوليات عنه باسم موكب حور أو موكب مراكب حور١. كان إحصاء لا زلنا على غير بينة من أمره، فقد يكون إحصاء لمساحات الأراضي المنزرعة وموارد المناجم كما يفهم من نصر في حوليات حجر بالرمو، أو إحصاء للسكان "وممتلكاتهم" كما يظن الأستاذ برستد، أو إحصاء للماشية لتقدير نصيب الدولة منها ومن جلودها، كما نصت على ذلك نصوص الدولة القديمة فيما بعد٢.

وعنيت الحكومة المركزية برصد ارتفاع فيضان النيل عامًا فعامًا، حتى تتخذ الإجراءات المناسبة لمواجهة ارتفاعاته، وتنظيم الانتفاع بمياهه، وحتى تقدر الضرائب الزراعية العينينة على أساس مدى انتفاع الأراضي الزراعية به. ويحتمل أن عملية الرصد الرئيسية كانت تتم على أساس مقياس للنيل يجاور العاصمة منف "وربما في حي الروضة أو في حي مصر العتيقة حاليًا، أي حيث تعاقبت فيما بعد مقاييس النيل في العصور الإسلامية".

وعرف الكاتب المصري القديم بلقب "سش" وكان لقبًا يحمل في طياته معنى المثقف ومعنى من يحسن الكتابة فضلًا عن معنى الموظف، وكان للكتبة دورهم الرئيسي في بيوت المال بما تستدعيه أعمالها من جباية وتسجيل وحساب وتوزيع، وفي القصور الملكية لكتابة الأوامر والرسائل وتسجيل الدخل والخرج فيها، وفي المعابد الكبرى.

ولم يرد النشاط الداخلي إلى جهود الموظفين الإداريين وحدهم، وإنما كان للفنيين والمعماريين أثرهم


١ Palermo, Rt. Iv, ٣, ٥, ٧, ٩, ١١, ١٣, ١٥, And See R. T. I, XVII, ٢٦, ٢٩; Unters., III, ٦٤, F., ٦٨.
٢ Palermo, V, ٤, ٥; J. H. Breasted, Ancient Records, I, ٦, ١٠٦; Gardiner –Peet, Sinal. Pl. VII, ١٣; Urk. I, ١٦, ٥٥; Rec. Tr., XXV, ٧٣; Sethe, Unters, III. ٧٩f.

<<  <   >  >>