للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أعمال الإنشاء والتعمير. وقد اتخذ المعماريون ربة راعية سميت "سشات"، وكانت في الوقت نفسه راعية للكتاب والحاسبين، وقيل عنها إنها كانت "أول من خط وحسب". وتدل رعايتها للمعماريين والكتبة والحاسبين على حاجة المنشآت إلى مجهودات هذه الطوائف جميعها.

وتضمنت نصوص العصر ألقابًا مدنية كثيرة أخرى حملها نظار القصور الملكية والسكرتاريون أو المطلعون على الأسرار على حد التعبير المصري القديم، والمشرفون على المزارع والحدائق الحكومية. وذلك إلى جانب ألقاب ومراتب دينية كثيرة جعلت للكهنوت أهمية كبيرة تحت إشراف الدولة ورعاية الفرعون.

واستمتع كبار الموظفين في عصر بداية الأسرات بمكانة لا بأس بها إلى جانب فراعنتهم. وكان أكبر لقب ظهر لهم في نهاية هذا العصر هو لقب "نبي خرنيسو" أي الأول لدى الملك أو الأول بعد الملك. ونم عن ثرائهم ما تركوه من مقابر ضخمة لا زالت أطلاها باقية في سقارة وغيرها. فاحتوت مقبرة "حماكا" أمين أختام الوجه البحري في عهد "دن" رابع ملوك الأسرة الأولى، بسقارة، على اثنتين وأربعين حجرة فوق سطح الأرض وتحتها، وتضمنت من المحتويات ما دلت به على ثراء صاحبها ورفاهية أيامه١ "راجع ص٩٢".

رأينا كيف تمتع ملوك عصر بداية الأسرات بقداسة نظرية واسعة وسلطان سياسي عريض، نمت عنهما ألقابهم وتمجيد كبار موظفيهم لهم. بيد أنه على الرغم من ذلك كله لم تخل عهودهم من خصومات خفية ومنازعات صريحة بين المستحقين للعرش والطامعين فيه، وربما لم تخل من اضطرابات حدودية أيضًا.

فقد شهدت أواخر أيام الأسرة الأولى خصومة أو أكثر من خصومة أسرية في عهود فراعنتها الثلاثة الأواخر: عنجاب وسمرخت وقاي عا. وكانت خصومة نم عنها أن رجال سمرخت أزالوا بإذنه أسماء سلفه عنجاب مما وصلت أيديهم إليه من آثاره وآثار أمه مريت نيت. ثم تعمد رجال قاي عا بدورهم أن يمحوا أسماء سلفه سمرخت من أغلب آثاره٢. وليس من المستبعد أن الملوك الثالثة كانوا إخوة من أمهات مختلفات، أو كانوا ينتمون إلى فروع مختلفة من الأسرة الحاكمة ادعى كل فرع منها أحقيته في العرش دون غيره من الفروع.

ولم تهدأ المطامع على الحكم إلا ببداية عصر الأسرة الثانية التي تسمى أول فراعنتها باسم يؤكد عودة الاستقرار والهدوء في عهده، وهو "حوتب سخموي" الذي يعني "رضي القويان" أو "استقر القويان"، ويرمز إلى رضا الربين القويين حور وست بما انتهت إليه أحوال البلاد في عهد صاحبه.

وافترض الباحثون فيي وإدوارد ماير ونيوبري٣ أن خصومة من نوع آخر حدثت في النصف الأخير من عصر الأسرة الثانية، وكانت فيما رأوا خصومة سياسية دينية تعصبية في آن واحد، شذ فيها الملك بر إبسن عن سنة أسلافه الذين اعتادوا على أن يصوروا الصقر رمز المعبود حور فوق أشكال واجهات القصور التي


١ W. Emery-Zaki Saad, The Temb Of Hemaka, Cairo, ١٩٣٨.
٢ W. F. Petrie. The Royal Tombs, I, P. Iv, ٥; VI, ٩-١٠.
٣ R. Weill, Rec. Tr., XXIX, ٢٩ F.; Ed. Mayer, Geschichte, ٢١٣; Newberry, Anc. Egypt, ١٩٢٢, ٤٠ F.

<<  <   >  >>