للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تضمنت أسماءهم، وتخلى عن الانتساب إليه، وتعصب للإله ست رب الصعيد القديم، وسمح لرجاله بأن يصوروا ست هذا بتاج الصعيد وصولجانه وبيئة شبه بشرية على أختامه. ويصوروا رمزه فوق صورة قصره عوضًا عن رمز حور، وذلك مما يعني في اعتقاد أولئك الباحثين أنه أراد أن يؤكد للناس أنه وريث ست دون غيره وأنه لا يعترف بالفضل لمن سواه، وأنه تخلى عن الانتساب إلى حور نتيجة لخصومة عنيفة بينه وبين مناطق الدلتا التي تعصب أهلها لربهم القديم حور.

ولا تخلو هذه التخريجات من وجاهة، ولكن نضيف إلى جانبها أننا استشهدنا في كتابنا عن حضارة مصر القديمة وآثارها، بآثار أخرى متفرقة يمكن إرجاعها إلى عهد بر إبسن نفسه قد توحي بأنه لم يكتف بأن ينتسب في صوره إلى المعبود ست وحده، وإنما انتسب كذلك في أحد أسمائه إلى المعبود حور، ولو لفترة ما من حكمه، ومجد إلى جانبهما إله الشمس أيضًا١ باعتباره أحد من تولوا رعاية عرش البلاد المقدس القديم، ولو أننا لا نستطيع أن نقف بقضية بر إبسن عند هذا الحد، فقد ظلت شبهاتها باقية بعد وفاته، وأرخ رجال خليفته "خع سخم" لأحد أعوام حكمه باسم عام الحرب وإخضاع الدلتا، وصوروا الربة نخابة حامية الصعيد تستقر بساقها اليسرى فوق دائرة تشبه الختم، وتقبض بمخلبها الأيمن على نباتي الصعيد والدلتا متعانقين، وتتقدم بهما إلى اسم الملك الذي حل في المنظر محل صورته ونقش داخل سرخ وقف فوقه صقر يرمز إلى المعبود حور متوجًا بتاج الصعيد؛ دلالة على سيطرته على الوجهين واجتماعهما تحت طاعته وطاعة ربته الحامية٢. وصور أحد فناني هذا الملك على قاعدتي تمثالين صغيرين له أعدادًا من أسراه وقتلاه، وصور معهم نبات البردي الذي يرمز عادة إلى أراضي الدلتا.

وبالجمع بين أطراف هذه المشكلة في عهدي كل من بر إبسن وخع سخم ظهر رأي جديد٣ يمكن أن نرتب من ناحيتنا الجوانب المقبولة منه بأنه حدث في عهد الملك في نثر السابق لعهد بر إبسن والذي حكم ما بين عشرين وثلاثين عامًا وكان مصلحًا، أن هاجمت بعض قبائل سكان الصحراء الغربية أرض الدلتا واحتلوها عنوة، وانفصلوا بها عن الصعيد. فلما أعقبه بر إبسن لم يحكم غير الصعيد، ولكنه اعتزم الكفاح وتسمى باسم "سخم إب" أي الجسور، وتلقب بلقب يعني معنى "الذي خرج للحق" أو معنى "انبعث النظام"، واستمسك في أغلب أحواله برب الصعيد ست باعتباره من أرباب الحرب "وربما استنصر معه من أرباب مصر الكبار الإلهين رع وحور"، واحتفظ لنفسه بلقب نيسو بيتي ولقب نبتي، أي ظل يحتفظ بانتسابه إلى شعار الدلتا وربتها إلى جانب شعار الصعيد وربته٤. ولكنه لم ينته في كفاحه إلى شيء، فخلفه خع سخم واتخذ


١ Abydos, Iii, Pl. Ix, ٣; Petrie, History Of Egypt, ١٠ Ed., ٣٢-٣٣; Asae, Xxviii, Pl. Ii. ٢, ٣; Maspero, Revue Archeologique, ١٨٩٨, ٣٠٧, L. R. I, ٢٤; G. Mueller, Die Formale Entiwicklung Der Titulatur Der Asgyptischen Koenige, ١٩٣٨; M. B. Grdsloff, Asae, Xliv, ٢٩٥; Spiegel, Das Werdender Alt-Aegyptischen Hoch-Kulur, ٢١٦.
٢ Hierakompolis, I, Pls. Xxxviii, Xxxix-Xli.
٣ See, J. Spiegel, Op. Cit., ٢١٦.
٤ Royal Tombs, I, Pls. Iv, ٧; Xxii, ١٩٠: Xxxix, ٩٧.

<<  <   >  >>