للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في البناء كما قالوا. وقدسوه على هذه الاعتبارات في "أسكلبيون المجاور لمنف" وهو معبد أقاموه فوق ما ظنوه قبره القديم جنوبي السيرابيوم١. وفي كل هذا ما يعني أن مجد الشهرة في مصر القديمة لم يقتصر على الفراعنة وحدهم، وإنما كان لبعض الأفراد الأفذاذ نصيب منه قد يزيد عن نصيب الفراعنة أحيانًا.

أشرف إيمحوتب على بناء مقبرة ملكه زوسر وتوابعها في منطقة سقارة، وأجرى فيها ثلاث محاولات كبيرة، وهي: استخدام الحجر على نطاق واسع لأول مرة في بناء الجزء العلوي من المقبرة وتوابعها، والانتقال بهيئة جزئها العلوي من شكل المصطبة المستطيلة على هيئة الهرم المدرج. ثم تقليد وتخليد خصائص العمارة النباتية واللبنية التي عرفها أسلافه، في عمارته الحجرية الجديدة٢. وبدأ بمراحل البناء الثلاث التي انتهى إليها بعض أسلافه في بناء المقابر: مصطبة وإضافتين. ولكنه بناها جميعها بالحجر وليس من اللبن كما كانت تبنى قبل عهده، ولعله تبين حينذاك أنه يستطيع أن يستعين بالحجر الذي استخدمه على نطاق واسع لأول مرة، على تنفيذ مشروع كبير يتفق مع جلال فرعونه ورخاء عهده، فعمل على زيادة إضافات حجرية جديدة جانبية مائلة، تعتمد كل إضافة منها على الأخرى، وتعتمد كلها على المبنى الأصيل للمصطبة الذي كان يزيد ارتفاعه قبل كل إضافة. وأتم ذلك في ثلاث مراحل أخرى، حتى تحولت المصطبة المدرجة القديمة إلى شكل هرمي مدرج ظهر في هيئته الأخيرة كما لو كان ذا ست درجات، بلغ ارتفاعه معها نحو ستين مترًا، وبلغ طولها من أسفل نحو ١٣٠ مترًا، وعرضها نحو مائة متر وعشرة.

احتل هرم سقارة مركزًا متوسطًا في مجموعة معمارية كبيرة أحاطت به وشغلت معه مساحة تزيد على ٢٥١ ألف متر مربع. وأحاط به وبها سور ضخم كبير بلغ ارتفاعه نحو عشرة أمتار، وبلغ سمكه في بعض مواضعه نحو ستة أمتار، وكساه المعماريون بالحجر الجيري الأبيض الأملس، وشادوا فيه نفس الدخلات الرأسية المتعاقبة التي ظهرت قبل عهده في عمارة اللبن، بعد أن زادوها في العمق والسعة بما يتناسب مع ضخامة بنائها ومادة بنائها حتى حققت لعمارتها الجديدة طابع الزخرف والفخامة كاملًا، فقللت حدة الاستقامة المطلقة في الواجهة الضخمة للسور، وسمحت تضاعيفها الداخلية بتعاقب الأضواء والظلال فيها بين الجوانب والسطوح، وقللت شدة انعكاس أشعة الشمس على واجهة السور ذي الكساء الحجري الأبيض المصقول.

وتضمنت مجموعة زوسر ست عمائر دنيوية ودينية خلاف الهرم والسور. فأطلق إيمحوتب ورجاله أيديهم في هندسة هذه العمائر وقلدوا فيها ما أرادوا تقليده وتخليد هيئته من مظاهر العمارة النباتية واللبنية القديمة. فأقاموا فيها أساطين ذات أضلاع محدبة متجاورة تقلد هيئة سيقان الغاب المحزومة ذات العقل التي استخدمها أسلافهم لرفع سقوف المباني الخفيفة القديمة. وشكلوا أساطين ذات أضلاع مقعرة متجاورة تقلد أساطين شجرية تناولها إزميل النجار القديم بالتشذيب والتجويف الخفيف. كما نحتوا أساطين ثلاثية المقطع تقلد هيئة سيقان البردي بتيجانها وأوراقها. ونحتوا أساطين أخرى نصف دائرية المقطع تقلد نباتًا اتخذه أهل الصعيد


١ H. Schafer,Zaes, Xxxvi, ١٤٧; K. Sethe, Op. Cit. ;H. Kess, Op. Cit., ٨٨.
٢ See, M. Firth –J. E. Quibell, The Step Pyramid, I-II, Cairo, ١٩٣٥; J. P. Lader, La Pyramid A Degrees, I-III, Le Caire, ١٩٣٦-٣٩; I. E. Edwards, The Pyramid Of Egypt, London, ١٩٤٧, Ch. II.

<<  <   >  >>