رمزًا لأرضهم في فجر تاريخهم القديم. ثم امتد التقليد إلى الأبواب والسقوف، فنحت المعماريون بإرشاد إيمحوتب أبوابًا من الحجر على هيئة الدلف الخشبية المفتوحة. وشكلوا السطوح الداخلية لبعض السقوف على هيئة فلوق النخيل ذات المقطع نصف المستدير، وجعلوا هذه الفلوق الحجرية متعاقبة الواحد منها بجانب الآخر، حتى بدت كأنما حملت سقفًا من بوص وخشب وليس من حجر.
ولم يقتصر المجهود المعماري في الهرم المدرج على جزئه العلوي وحده، وإنما امتد إلى جزئه الأسفل. فشاد المعماريون حجرة دفنه من أحجار جرانيتية ضخمة على عمق ثمانية وعشرين مترًا. ولا شك في أن نقل هذه الأحجار الجرانيتية الضخمة من محاجر أسوان أو جبال البحر الأحمر يدل على مجهود كبير بالنسبة لعصره وقطع الصناع فيما يجاور سطح حجرة الدفن سراديب وغرفًا كثيرة، كسوا بعض جدرانها بقراميد صغيرة، محدبة من القاشاني الأزرق ثبتوا كلًّا منها في ملاط جدارها بثقبين صغيرين يمر فيهما خيط من الكتان أو الجلد، ورصوا كلًّا منها إلى جوار الأخرى؛ لكي يقلدوا بها هيئة الحصير الفاخر المجدول الذي كانوا يتخذونه في البيوت ستارًا وزينة. وتضمنت سراديب الهرم وحجراته ما يزيد عن ٤٠ ألفًا من أواني الفخار والألباستر والشست والبرشيا، حقق صناعها في تشكيلها مهارتهم التي اكتسبوها وورثوها عن أسلافهم أهل عصر بداية الأسرات، ثم زادوها دقة حتى بلغوا بصناعة بعضها حدًّا من الرقة جعل سطوحها الخارجية تكاد تكشف عن سطوحها الداخلية كأنها البللور الشفاف. وكان بعضها متاعًا وميراثًا لصاحب الهرم وأسرته، وبعضها الآخر هدايا من أقاليم دولته تقرب إليه بها كبار موظفيها. وعثر في مقابر أسرة زوسر التي غطى هرمه عليها على بقايا توابيت فاخرة من الحجر الجيري والمرمر المصري، كانت تثبت فوق قواعد حجرية تناسبها، وتعلوها أغطية مقبية. ووجدت معها قطع خشبية صغيرة تخلفت عن تابوت طفل، صنعت من ست طبقات متلاصقة من الخشب المضغوط ولم يزد سمكها في مجملها عن ملليمترات قليل، ثم غشيت سطوحها برقائق ذهبية ثبتت فيها بوصلات ذهبية قامت مقام المسامير.
يبدأ المدخل الرئيسي في سور مجموعة زوسر بباب مفتوح على مصراعيه كأنما يرحب بالوافدين، لولا أنه باب من حجر قلد فيه بناؤه تفاصيل الأبواب الخشبية العادية. ويفضي الباب إلى البهو الكبير وهو بهو طويل تحف به الأساطين الحجرية التي تقلد حزم الغاب، وهي أساطين دقيقة في بنائها وفي مظهرها تستند على حواجز خلفية وتتخذ هيئة انسيابية يقل قطرها من أسفل إلى أعلى، وتزينها في أعلاها حليات شكلت على هيئة أوراق الشجر العريضة المقلوبة. ويعلوها السقف ذو الجذوع الحجرية. وكانت تحلي أبواب البهو زخارف هندسية على هيئة أقواس كبيرة رشيقة دلت على يد متمكنة في رسمها ونحتها، وعلى هيئة رموز دينية تُسمى رموز "جد" وتعني معنى الدوام والاستقرار وتعتبر من رموز المعبود أوزير. وينتهي البهو بقاعة تطل على فناء الهرم الكبير وترفع سقفها ثمانية أساطين يصل بين كل أسطونين منها جدار خفيض. وكان للفرعون وحاشيته سبيل آخر حين احتفاله بعيد السد بالقرب من هرمه، فكان يسلك طريقًا قصيرة جانبية تبدأ من أول البهو وتمتد حتى فناء العيد، وهو فناء رحب واسع حفت بجانبيه مقاصير فخمة، بنيت الغربية منها بأسماء أرباب الصعيد، وشيدت الشرقية منها بأسماء أرباب الوجه البحري، أولئك الأرباب