وأدرك المصريون هذا الفارق وتندر أدباؤهم به، ولكنهم لم يعملوا على تلافيه، في حدود ما تدل عليه وثائقهم المعروفة حتى الآن، إلى أن أشار قرار كانوب "أبو قير" الذي أصدره مجمع الكهنة المصريين عام ٢٣٧ق. م إلى اتجاه النية حينذاك إلى إضافة يوم على أيام النسيء الخمسة "حتى لا تأتي أعياد الشتاء في الصيف نتيجة لتغير الشمس يومًا كل أربع سنوات، وحتى تصبح أعياد الصيف الحالية أعيادًا شتوية في المستقبل كما كان عليه حالها في الماضي". غير أن التجديد لم يستمر، ولم يتعدل التقويم بصورة دائمة إلا في عهد أوجسطوس عام ٣٠ق. م. حين ظهر التقويم اليولياني وثبت العام بمقتضاه ٣٦٥ يومًا وربع يوم. والطريف أن كلًّا من إسترابون وديودور الصقلي قد ردا الفضل الأصيل في هذا التعديل الأخير إلى المصريين أنفسهم واعتبراه اختراعًا ذكيًّا قديمًا١.
وعلى أية حال فلا زال التقويم المصري القديم مأخوذًا به في أساسه حتى الآن في السنة الزراعية، أو ما يعرف خطأ باسم السنة القبطية. ويفضله المزارعون عادة على التقويم الميلادي وشهوره الإفرنجية، ويرونه أنسب لتعيين مواقيت الحرث والبذر والري والحصاد على الرغم من نقص ربع اليوم الفلكي فيه. ولا زال بعض الفلاحين يحتفظون بذكريات أجدادهم في تسمية ليلة الفيضان "ليلة النقطة" أو "ليلة سقوط الدمعة" في ١٢ بوونة، أي الليلة التي دمعت فيها الربة إيسة "إيزيس" المرموز إليها بنجم الشعرى على زوجها أوزير فجرى الفيضان من دمعتها. وظل المصريون القدماء يميزون الشهور بأرقامها، إلى أن ربطوا بينها وبين أسماء ومناسبات مقدسة خلال الدول الحديثة، ثم استقرت هذه الأسماء، منذ القرن السادس ق. م. وبقيت حتى الآن مع قليل من التحريف اللفظي مثل: توت وكان يوافق عيد الإله تحوتي، وهاتور وكان يوافق عيد الربة حتحور، وهلم جرًّا.
تعاقب بعد زوسر عدد من الفراعنة، جعلتهم القوائم الملكية بين الأربعة والستة، وجعلهم مانيتون ثمانية، واحتفظت الآثار القائمة بأسماء ما بين الثلاثة والخمسة منهم. ثم انتهت أيام الأسرة بالملك حوني، وهو ملك ذكرت بردية تورين أنه حكم أربعة وعشرين عامًا. وقد شاد له مهندسوه هرمًا ضخمًا في منطقة ميدوم غيروا تصميمه أكثر من مرة وجعلوه في نهاية أمره على هيئة هرم مدرج ذي ثمان درجات كاملة. وبدءوا في كساء درجاته بأحجار جيرية بيضاء، ولكن ملكهم مات قبل أن يتموه، فأتموه في عهد ولده سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة، واستفادوا من تجارب عهده لإنشاء هرم كامل حاد الزوايا مستوي الخطوط، وعملوا بإذنه، أي بإذن سنفرو، على تنفيذ هذا التجديد في هرم أبيه، فملئوا الفراغات بين درجاته بالأحجار وكسوه ببلاطات جيرية كبيرة ليكون مستوى الجوانب أو ليتخذ هيئة الهرم الكامل، ولسنا ندري مدى نجاحهم في تحقيق هذه الغاية؛ إذ تهدمت أغلب أجزاء الهرم ولم يتبق منه غير نحو ثلث ارتفاعه الأصلي.