كان الشكل الهرمي ثمرة أخيرة للتطور المعماري الطويل الذي بدأ في عصر بداية الأسرات بالمصطبة ماثلة الجوانب ذات المسطح الواحد وانتقل منها إلى المصطبة ذات المسطحين أي ذات الإضافة الواحدة المحيطة بها، والمصطبة ذات المسطحات الثلاثة أي ذات الإضافتين المحيطتين بها. ثم تطور في عصر الأسرة الثالثة على هرم زوسر المدرج، وبعده إلى هرم ميدوم الذي حاول مهندسوه أن يجعلوه كاملًا مستويًا في مظهره مدرجًا في مخبره. وارتقى في بداية عصر الأسرة الرابعة إلى هرم دهشور الجنوبي الذي أظهر نواحي الخطإ والصواب في التجارب المعمارية لمنشئيه، وانتهى أخيرًا إلى هرم دهشور الشمالي نجح مهندسه في تنفيذ هيئته الهرمية كاملة. وليس ما يمنع من أن نفترض أن أصحاب هذا التطور الهرمي قد استرشدوا في بعض مراحله بنموذج طبيعي مائل في بيئتهم وهو مظهر التلال الهرمية أو المخروطية التي تحف بالوادي من شرقه وغربه والتي كان المعماريون يرونها رأي العين كلما جالوا في الصحراء التي تحيط بمناطق الجبانات نفسها.
ألحق رجال سنفرو بهرمه الجنوبي معبدين، معبدًا صغيرًا يلاصق الواجهة الشرقية للهرم، وينفتح ناحية الشرق، ويسمى اصطلاحًا باسم معبد الشعائر، ومعبدًا آخر عند اتصال الهضبة التي شادوا الهرم فوقها بالوادي المنزرع، ويسمى اصطلاحًا باسم معبد الوادي. ويصل بين المعبدين طريق ممهد صاعد. وجرت العادة على تخصيص المعبد الأول لأداء الدعوات والشعائر اليومية والموسمية لصالح الملك المتوفى وتقديم القرابين باسم روحه لتنعم بها وتستفيد منها فائدة معنوية تناسبها وتناسب عالمها الذي تعيش فيه "ولهذا أسميناه معبد الشعائر وليس المعبد الجنازي كما تسميه أكثر المؤلفات، حيث تقل صلته بالجنازة". وقد أسلفنا في حديثنا عن عصر الأسرة الثالثة ما يحتمل من ارتباط وجود معبد الشعائر ناحية الشمال من هرم زوسر بعقائد أهل عصره عن انتقال أرواح ملوكهم وأخيارهم بعد الموت إلى السماء وحياتها بين النجوم النيرة الشمالية الخالدة وهي مجموعة النجم القطبي. أما اتجاه معبد سنفرو إلى الشرق فيمكن تعليله بأحد تعليلين وهما: أن تشييد معابد الأهرام في الصحراء الغربية في أغلب الأحوال أثار رغبة أصحابها في أن تستقبل واجهاتها ومداخلها دنيا الأحياء في الشرق أي في الوادي المنزرع، وتستقبل مواكب الكهنة ومواكب القرابين الآتية منه. وكانت هذه هي نفس الرغبة التي حدث بكبار أصحاب المصاطب القديمة على بناء مقاصير قربان مقابرهم ناحية الشرق منذ عصر الأسرة الأولى. أما التعليل الثاني فهو رغبة منشئ المعبد أو صاحبه في أن يتجه بمدخله ناحية الشمس عند شروقها، إما تعبدًا لرب الشمس، أو بناء على اعتقاد جديد بأن روح الملك سوف تصحب رب الشمس في تجواله في سماء الدنيا نهارًا وسماء الآخرة ليلًا. ولما كان من المفروض أن تظهر معه في الشرق كل صباح وجب أن ينفتح باب معبدها إلى ناحية الشرق أيضًا ليستقبلها كلما رنت إلى زيارة هذا المعبد حين تقدم القرابين فيه باسمها كل صباح، وبعد أن تكون قد أتمت رحلتها الليلية مع ربها. وأصبح تشييد معبد الشعائر شرقي الهرم سنة متبعة منذ عهد سنفرو، بينما اقتصر الاتجاه ناحية الشمال على مداخل الأهرام دون مداخل معابدها. "وإن كان هرم سنفرو الجنوبي قد تضمن مدخلين، مدخلًا شماليًّا وآخر غربيًّا". ويبدو في هذا الازدواج بين الشمال وبين الشرق ما يتصل بخاصية لازمت الحضارة المصرية في كل أطوارها، وهي خاصية المحافظة ومسايرة الجديد للقديم دون أن يقضي عليه.