للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كل أوضاعه، لا سيما حركات التقدم والتأخر، وحركة الشخص الجاري، وكيفية رفع الذراع عند صيد فرس النهر. وكان ينحت تماثيله من كل المواد الثمينة ابتداء من الفضة والذهب على حد قوله وانتهاء بالعاج والأبنوس، واعتز بأن ما وصل إليه لم يبلغه أحد سواه هو وولده سنوسرت١.

وكان مخالفات حقاخنت، عبارة عن بضع رسائل كتبها إلى ولده الأكبر مرسو٢، يمكن أن تستنتج منها مجريات الأمور في الأسر المصرية الوسطى في عهده، ثم مدى السلطة التي افترضها الآباء لأنفسهم على أولادهم وإن بلغوا سن العمل، ومدى الفوارق الطبيعية في معاملة الوالد لأبنائه وفق أعمارهم.

كان حقانخت مشرفًا على شئون مقبرة أحد الوزراء وأوقافها الموزعة في الصعيد والدلتا، كما كانت له أملاكه الخاصة. وقد ترك أولاده الخمسة في طيبة وارتحل عنهم إلى نواحي منف ليباشر أعماله فيها لفترة أوفت على العام. وعهد إلى ولده الأكبر مرسو بأرضه ومخازن غلاله ومدخرات داره، كما عهد إلى ولد آخر يصغره بخمسة وثلاثين رأسًا من الماشية شارك جاره فيها. وكتب حقانخت إلى ولده الأكبر بضع رسائل من منف تتبدى شدته فيها عليه وتحميله مسئولية الأسرة كاملة. فكتب إليه في بعض أموره يقول: "إذا طغى الفيضان على أرض فالويل لرجالي ولك، ولن ألق المسئولية إلا عليك". ويقول: "عليك أن تبذل الجهد في أرضي واجتهد بأقصى ما تستطيع، اعزق الأرض، وتدخل في كل عمل". وكان لا يفتأ يردد عليه قوله: أنت سعيد لأني أعولك، ولماذا أعولك؟. وإذا اجتهدت دعا الناس لك، وإذا لزمت الهدوء فإنه نعم العمل. ولكنه تخلى تمامًا عن هذه الشدة بالنسبة لولده الأصغر سنفرو، فكتب عنه إلى أخيه يقول: "إذا لم يكن لسنفرو ما يكفيه معك في البيت فلا تتوان عن إخباري، فقد بلغني أنه غير راضٍ. اعتن به كثيرًا وأعطه مئونته، وبلغه سلامي ألف سلام، بل مليون مرة. اعتن به وأرسله إليَّ بعد أن تحرث الأرض مباشرة"، ثم كتب عنه ثانية قائلًا: "إذا كان سنفرو يريد أن يعتني بالماشية فدعه يفعل؛ إذ يبدو أنه لا يحب أن يجري معك هنا وهناك في حرث الأرض، كما أنه لا يريد أن يأتي إلى هنا، وعليك أن تمتعه بكل ما يحب".

وكان للرجل ولد صغيرة شقي يدعى ساحتحور اشترك في مشاكسة جارية أبيه مع خادمة تدعى سنن، فلم يزد حقانخت على أن صب جام غضبه على الابن الأكبر والخادمة معًا، وتغاضى عن شقاوة الولد الصغير، وقال لمرسو: "اطرد الخادمة سنن من داري على التو، ولكن احرص على أن يتردد ساحتحور عليك يوميًّا، وإذا بقيت سنن في الدر يومًا واحدًا وأساءت إلى جاريتي فأنت الملوم. وإلا فما الذي تستطيع أن تفعله جاريتي إزاءكم وأنتم خمسة أولاد؟ سلم لي على أمي إيبي ألف سلام، بل مليون مرة". وعاود الحديث عن الجارية في خطاب آخر فقال: "لاحظ أنها جاريتي، وأنه ينبغي إحسان معاملة جارية الإنسان ... ، وإلا فكيف أعيش معكم في دار واحدة، إن لم تحترموا جارية من أجل خاطري؟ ".


١ Louvre, C ١٤ ; Marcelle Baud, "Le Metier D'iritiser"", Chr. D'egypte, ١٩٣٨, ٢١ F. ; H.E. Winlock, The Rise And Fall Of The Middle Kingdom, ٣٢.
٢ Op. Cit. ; Bull. Metr, Mus., ١٩٢١, ١٢ F. ; Jame, The Hekanakhte Papers ...١٩٦١.

<<  <   >  >>