للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستمرت مركزية الحكم قوية في عهد خلفه الملك أمنمحات الثالث "ني ماعت رع"، وحرص كبار رجال دولته على أن يسجلوا إخلاصهم له، وذهب من تمتعوا بإنعاماته إلى ما هو أبعد من حدود الإخلاص. فسجل رجل منهم يدعى "سحتب إب رع" على نصب أقامه في مقبرته، وصية طويلة وجهها إلى أولاده، أوصاهم فيها أن يخلصوا لفرعونهم قلبًا وقالبًا، ونبههم إلى أن الفرعون يفطن إلى ما في النفوس، وأن عينيه تخترقان الأجسام، وأن شأنه شأن الأرباب، وأنه يستطيع أن يحيي ويميت، وأن الخبر لأوليائه والحرمان لأعدائه ... ، ولا يخفى بطبيعة الحال أن سحتب إب رع تعمد بهذا الإسراف أن يتملق فرعونه لغرض في نفسه ولكثرة إنعاماته عليه، شأنه في ذلك شأن رجال البلاط والحاشية في كل عصر، غير أن المهم أنه لم يخص بالمبالغة فرعونه وحده، إنما مهد بها لتقريظ نفسه أيضًا، فقال وهم يفخر بكفاياته وسجاياه الخاصة التي أبلغته ما بلغه من عز وسؤدد في ظل فرعونه: "إني نبيل على رأس الناس، يرحب أهل البلاط بمقدمه ويفضي الناس إليه بأسرارهم ... ، رجل عدل في نظر أهل الصعيد والدلتا، شاهد صدق مثل الإله تحوتي، أشد دقة من الميزان ... ، مخلص النصيحة، يتحدث صدقًا، ويكرر ما يستحب، لا شبيه له، حسن الإصغاء، حلال للمشكلات ... ، صورة صادقة للود، بريء من ارتكاب الإثم ... ، يحيل البؤس سعدًا، ويدير الأمور إدارة صالحة ... "١.


١ G. Maspero, Etude De Mythologie, Iv, ١٣٧ F. Breasted, Op. Ch. ٧٤٥, ٧٤٧.

<<  <   >  >>