أعمدة رباعية تتصل ببعضها بجدران منخفضة تجعل الساحة وراءها غير مكشوفة كلها ولا محجوبة كلها. ولا زال الرأي يتأرجح بين اعتبار هذه المقصورة الفريدة إحدى مقصورتين احتفل فيهما سنوسرت بعيد يوبيله الثلاثيني، بصفته ملك الصعيد في إحداهما وملك الوجه البحري في الأخرى، أو اعتبارهما استراحة تريح فيها مركب الإله آمون حين يطوف الكهنة بها في منطقة المعبد خلال أعياده.
ولم يحل الاهتمام بمعابد طيبة دون العناية بمعابد العواصم الدينية الأخرى. فقد بقيت من عهد سنوسرت الأول مسلة من الجرانيت بلغ ارتفاعها نحو ٢٢ مترًا، أقيمت باسمه في المطرية الحالية "وهي جزء من مدينة أونو القديمة إلى الشمال الشرقي من القاهرة"، بمناسبة احتفائه بيوبيله الثلاثيني، أمام محور معبد "أتوم". وتعتبر أقدم ما بقي كاملًا من المسلات الكبيرة. وربما جاورتها مسلة أخرى.
وعن شرق الدلتا، تحدث المؤرخون والرحالة الإغريق والرومان: هيرودوت وديودور وإسترابون وبليني، عن قناة كانت تصل بين النيل وبين البحر الأحمر وتبدأ من الفرع البوباسطي للدلتا شمالي الزقازيق بقليل ثم تمتد خلال وادي الطميلات حتى تنتهي إلى البحيرات المرة. ونسب بليني أقدم مشروع لهذه القناة إلى عهد الفرعون "سيزوستريس". ورأى بعض المؤرخين ومنهم الأستاذ جيمس هنري برستد أن سيزوستريس هذا اسم محرف عن اسم سنوسرت الأول "أو هو سنوسرت الثالث وربما كان يعني رمسيس الثاني أيضًا"، وأن القناة بدأت في أيامه. ولكن عارض رأيهم باحثون آخرون ومنهم الأستاذ بوزنر الذي رجح أنه لم يكن لهذه القناة وجود بصورتها ووظيفتها آنفة الذكر حتى شقت في عهد الفرعون نيكاو في عام ٦٠٠ق. م. على وجه التقريب١، ولا زال هذا الرأي الأخير هو المأخوذ به حتى الآن.
وكشف فلندرز بتري حول هرم سنوسرت الثاني "خع خبر رع" في اللاهون قرب الفيوم في مصر الوسطى عن بقايا بلدة ترجع أهميتها الحضارية إلى أنها من أقدم البلاد المصرية واضحة المعالم التي تعرف الأثريون على رسوم مساكنها، بعد أن تعاون على إخفاء آثار أمثالها بناء بيوتها من اللبن سريع التهدم، واستخدامها للسكنى جيلًا بعد جيل، وقيام مساكن العصور اللاحقة لها على أطلالها. ولا تسبقها في القدم من آثار العمران التي كشف عنها حتى الآن غير مساكن حي لكهنة معبد الوادي لمنكاورع كشف عن جورج ريزنر، ومساكن حي لكهنة معبد الوادي لخنتكاوس كشف عنه سليم حسن، ثم مباني حي صناعي أقيم لخدمة معبد شعائر منكاورع كشفنا عنه في عام ١٩٧١ "وذلك فضلًا عن مباني أخرى أكثر عددًا من عصور لاحقة".
وشاء حظ بلدة اللاهون أن شادها أصحابها في منطقة من مناطق الحواف الصحراوية الجافة ثم هجروها بعد إنشائها بأجيال قليلة لأسباب غير معروفة، فغطت الرمال على ما بقي من أطلالها وحفظت منها ما سلم من أيدي القرويين المنقبين عن قوالب اللين والسماد القديم. وهكذا كان للكشف عن بقايا أطلالها في أواخر القرن الماضي، صدى مستحب، وكتب عنها مكتشفها الأستاذ فلندرز بتري أن الأثريين لم يعودوا يتلمسون
١ G. Posener, Chronique D'egypte, Xxvi, ١٩٣٨, ٢٥٩ F.