للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم تمارين حسابية ورياضية، كان أمتع ما فيها أخذها بطريقة التربيع والجذر المربع. وتضمينها مسائل تشبه معادلات الدرجة الأولى.

ولعل أهم ما يذكر من المشاريع العمرانية لعهد أمنمحات الثالث، ولعهود الأسرة كلها، هو مشروع الانتفاع بمنخفض الفيوم وتوسيع رقعة الزراعة حوله. ولا تزال تفاصيل هذا المشروع على جانب من الغموض نظرًا لتضارب الروايات التي سجلها المؤرخون والرحالة الكلاسيكيون عنه١. ولكن الصورة العامة المحتملة له، هي أنه قام على أساس توجيه جانب من فيضانات النيل إلى بحيرة الفيوم الواسعة التي كانت لا تزال تحتفظ بعذوبة مائها، لرفع مستوى الماء فيها حتى تنتفع به أكبر مساحة ممكنة من أراضي المدرجات الخصبة التي تحيط بها، ثم الانتفاع ببعض مياهها المخزونة لري الأراضي القريبة منها في غير أوقات الفيضان.

وتم المشروع ببناء سد أو سدود ذات فتحات في أضيق ممر ينفذ منه فرع بحر يوسف الحالي خلال جريانه إلى منخفض الفيوم، وذلك في جنوبه الشرقي عبر أخدود هوارة بين التلال الصحراوية شمال جبل سدمنت. وكان ممرًا يسمى "راحنة" بمعنى فم البحيرة، ثم تحرف اسمه إلى لاهنة وأخيرًا إلى لاهون وهو اسمه الحالي. وسمحت السدود الجديدة ذات الفتحات لرجال الري المصريين بأن يوجهوا مياه الفيضان توجيهًا سليمًا حين تجري على الانخفاض التضاريسي التدريجي من ضفة النهر حتى بحيرة الفيوم، وربما سمحت لهم من ناحية أخرى بإمكان تقليل أو وقف اتجاه الماء إلى البحيرة بعد الفيضان، وتوجيهه عوضًا عنها إلى قناة أخرى تجري إلى الشمال الشرقي منها. وأدى المشروع في نهاية أمره إلى استصلاح نحو ستة وعشرين أو سبعة وعشرين ألف فدان جديدة، كانت شيئًا كبيرًا في زمانها، استغلتها الدولة للزراعة وإنشاء القرى والمدن الجديدة. ويصور أهمية هذا المشروع وأن البلدان التي أنشئت معه ارتفعت نحو عشرين مترًا عن مستوى القرى القديمة التي سبقت عصره، وأن بعض بلدانه الجديدة التي جاورت البحيرة أصبحت مواقعها تبعد الآن عن ضفافها عدة كيلومترات بعد أن انكمشت مساحة البحيرة وانخفض مستوى مائها٢. وكان إرساب الطمي داخل وشمال أخدود هوارة قد عمل من قبل على تكوين مثلث خصب داخل البحيرة قامت عليه مدينة شدة "أي الفيوم" التي جاء ذكرها في نصوص الدولة القديمة. ولتوسيع رقعة هذه الأرض الخصبة كان ينبغي تقليل اندفاع الماء إلى منخفض الفيوم بما يسمح بسهولة إرساب الطمي والتقليل من سرعة تبخر ماء البحيرة، ثم حماية هذه الأرض من طغيان الفيضانات المتتالية بعدد من الجسور وقنوات الصرف. وتحتمل بداية هذا المشروع في عهد الملك سنوسرت الثاني بإنشاء سد على فم أخدود هوارة بجوار اللاهون لتنظيم اندفاع الماء، ثم استكمل المشروع في عهد أمنمحات الثالث.


١ Herodotus, Ii, ١٢٩; Strabo, Xvii, ٨٠٩ F.; Diodorus, I, ٥١-٥٢.
٢ Cf. Pasarge, Fajum Und Moeris-See, Geogr. Zeitschrift, XLIV, ١٩٤٦, ٣٣٣ F ; Ali Shafei, Fayum Irrigation, Bull. De La Soc. Geog. Royale De L’egypte, XX, ١٩٤٠; Cah, I, Ch. XX ٤٩ F.

<<  <   >  >>