للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الأمر .. وهنا انتهى درس البردية في غير خاتمة واضحة، ولكنه على الرغم من قصره قد نم عن أن المصريين ظلوا يطوون صدورهم على كره الهكسوس وذكريات احتلالهم حتى لقد شبهوهم بالوباء أو الطاعون، وأنه لم يكن في وسع ملك الهكسوس أن يعتبر نفسه ملكًا على مصر كلها، وأنه ضاق بنشاط أهل طيبة وقلق من النتائج التي يمكن أن تترتب عليه، وأن الطيبيين جعلوا من اختلاف المذهب الديني بينهم وبين الهكسوس سببًا لصبغ جهادهم ضدهم بصبغة مقدسة. وإذا كان هذا الجزء المكتوب المتبقي من البردية قد انتهى بغير نهاية واضحة، فقد صورت جانبًا من هذه النهاية رأس سقننرع التي عثر عليها في طيبة الغربية، وقد توجتها خمسة جراح عميقة من ضربات سيف ومقمعة وبضعة سهام، ودل كل جرح منها على بداية الجهاد المسلح في عهد صاحبه واستبساله واستماتته في الظفر بمأربه.

وتولى زعامة طيبة بعده ولده كامس "واج خبر رع" وصورت جهاده وجهاد رجاله ثلاثة نصب أقامها في الكرنك، ودرس تاريخي كتبه طالب على لوحة خشبية صغيرة. وصور الدرس التاريخي المراحل الأولى للجهاد في عهده كما رواها أنصاره١. فوصفه بأنه كان ملكًا فاضلًا، وأن الإله رع شاء أن يجعله ملكًا فعليًّا ووهبه الجرأة في الحق. وذكر أنه ضاق بأحوال البلاد وقال ذات مرة في مجلس بلاطه: "كيف أقدر نفوذي هذا إذا كان هناك حاكم في حة وعرة وحاكم آخر في كاش؟ ولا زلت شريكًا لهكسوسي وزنجي، وكل منا يسيطر على رقعة من هذه البلاد؟ إني لا أكاد أبلغ منف، وقد سيطر "العدو" على منطقة الأشمونين؛ وما عاد أحد يأمن السلب والنهب والعبودية للبدو الآسيويين ... ". وحاول كامس أن يستفز أهل بلاطه إلى الحرب، فقال لهم "ولسوف أقاتل "العدو" وأبقر بطنه، وإن غايتي أن أحرر مصر وأستبيح دماء العامو .. "، ولكنهم فيما قال استمرءوا ما نعموا به في حدود الصعيد وقالوا إن هاجمنا العدو قاومناه. وهنا ضاق الرجل بالتواء منطقهم, وأحسن الظن بسواد شعبه، فقال لأهل بلاطه "سوف أحارب العامو "الهكسوس" وسوف يحالفني النجاح، وقد تباكى بعضكم، ولكن البلاد سوف ترحب بي، أنا الحاكم الجسور في طيبة، أنا كامس حامي حمى مصر".

وبهذه الروح الوثابة انطلق كامس بجيشه المصري، وجند فريقًا من البجاويين النوبيين الذين دانوا بالولاء له، واستخدمهم في طليعة جيشه. وصدق ظنه في سواد شعبه، فهرع إليه أهل الشرق والغرب، كما قال، وأمدوا جيشه أينما حل بالمئونة والزاد. ووصف مسيرته مع جيشه فقال: "أبحرت في عزم لأجل الهكسوس وفقًا لأمر آمون ذي الرأي الرشد، وجيشي أمامي مستبسل كأنه شعلة من نار". وبدأ بمصر الوسطى فطهرها من الهكسوس وعاقب الخانعين لهم في بلدة نفروسي. وشجعه هذا على كفاح تحدثت عنه نصوص نصبه في الكرنك٢، ويفهم منها أنه شن حملة مفاجئة على أرض كاش الجنوبية


١ Camarvon Tablet, No. ١ ; Gardiner And Gunn, Op. Cit., ٥; Erman, Die Literatur..., ٨٢ F.
٢ See, Asae, XXXV, ١١١ F.; XXXIX, ٢٥ F.; LIII, ١٩٥ F.; Kush, IV, ٥٤ F.; Cah, Rev. Ed., II, ١٩٦٥, Ch. VIII, ٤ F.

<<  <   >  >>