للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعنات وقدش عن ربوبية البأس والقوة، جنبًا إلى جنب مع أسماء رعاة الحرب المصريين: آمون ومونتو، وست، وسخمة ... ، ولم تأب بعض الأسر المصرية أن تنسب أسماء مواليدها إلى أسماء الأرباب السوريين. وترك مهندس مصري نصبًا في بيت شان في فلسطين اتجه بدعواته فيه هو وابنه إلى ميكال إلهها المحلي. وترك كاتب مصري نصبًا آخر في أوجاريت بشمال سوريا اتجه بدعواته فيه إلى بعل زفون الإله السوري العظيم١. وتقبلت الجيوش المصرية أعدادًا من الأجانب في فيالقها، سواء باعتبارهم مرتزقة، أو من أسراها السابقين أو من أبناء أسراها، وأشركتهم في حامياتها الآسيوية، حيث كان يطيب لهم أن يقيموا في الأقطار الشمالي. وظن ملوكها أنه يمكن الاطمئنان إلى أغراب يسيطرون على أملاك آسيوية من أجل مصر، وذلك خطأ محض. ورفع رمسيس الثالث بعض هؤلاء الأجانب إلى مناصب القيادة، وكان يعلن لهم قراراته إلى جانب غيرهم من القادة وكبار الموظفين المصريين٢. واعتد أن الأمان الذي يوفره لهم من مآثر عهده وكفيل ببث الإخلاص في قلوبهم.

وتزايد نصيب القصور الفرعونية من الزيجات الأجنبيات، وتقبلت أعدادًا أكثر من الجواري. وقلدت قصور الأثرياء قصور الفراعنة في هذه السبيل، سواء يفعل ظروف الحرب وكثرة سباياها، أو حبًّا في ملاحة الشماليات ودفء الجنوبيات. وتقبلت القصور إلى جانب الجواري أعدادًا من الحشم الأجانب عملوا خدمًا وسقاه ووصفاء فيها.

وزاد رمسيس الثالث، فعين بعض أولئك الأجانب في وظائف البلاط وفي مناصب القضاء. أما المعابد فكان نصيبها من الأرقاء والأسرى الأجانب والمتمصرين أضخم، بحيث ذكرت نصوص رمسيس الثالث أنه خصص ٢٦٠٧ من أسراه لأملاك آمون، و٢٠٩٣ لأملاك رع، و٢٠٥ لأملاك بتاح٣، لكي يعملوا بأسماء هذه المعابد في المزارع والمحاجر والمناجم، بل وفي شئون المعابد أحيانًا.

ولم يكن من بأس فيما جرت عليه مصر من فتح قصورها ودواوينها ومعابدها لأبناء جيرانها ولأسراها وللمرتزقة المسالمين، طالما ظلت قوية يقظة وطالما ظلت يدها هي اليد العليا. ولكن الخطر كل الخطر كان يتمثل في ألا يخلو إخلاص هؤلاء النزلاء لها من شوائب، وأن يتمصروا بمظهرهم وليس في مخبرهم، وأن يظل بعضهم على استعداد للتنكر لها متى سنحت لهم فرصة أو ألمت بها نكبة، وما كان أكثر احتمالات النكبات عليها في ذلك الزمان.

وكشفت عن دخائل قصر رمسيس الثالث وأوضاع الأجانب في بلاطه، مؤامرة من إحدى زوجاته الملكيات دب النفور بينه وبينها إلى حد أن تجاهل الفنانون تسجيل اسمها مع بعض صورها في معبده، وأحست هي برغبته في إقصاء ولدها بنتاورة عن ولاية العهد، فتآمرت مع بعض سقاة البلاط ونسائه وحرسه وخدمه من المصريين ومن النزلاء المتمصرين. واستعان المتآمرون بالسحر ووجدوا في مكتبة القصر ما يهديهم


١ Anc. Records, Iv, ٢١٩, ٢٢٦, ٣٨٤; A. Rowe. The Topography Of Beth-Shan, Pl. ٥١;
G. Loud, The Megiddo Ivories, Ii F.; W. Helck. Op. Cit.
٢ Anc. Recods, Iv, ٣٩٧ F.
٣ Ibid., ٢٢٥, ٢٨١, ٣٣٨.

<<  <   >  >>