للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى عمل تماثيل من الشمع صنعوها على هيئة الحراس وتلوا عليها سحرهم وتعاويذهم ليلقوا على أصحابها السبات ويضعفوا عزائمهم، أو هكذا أملوا. ولكن المؤامرة انكشف أمرها، وتولى التحقيق فيها بأمر الفرعون أربعة عشر قاضيًا كان من بينهم أربعة تدل أسماؤهم على أنهم لم يكونوا مصريين الأصل. وقبل أن ينتهي التحقيق استطاع بعض أقارب المتهمين أن يرشوا ثلاثة من القضاة وضابطين، ولكن أمرهم انكشف وتحول القضاة الثلاثة والضابطان إلى متهمين. وحكمت المحكمة على الأمير بنتاورة وثلاثة من شركائه بالإعدام، وتركت لهم أن ينتحروا بأنفسهم. وحكمت على متهمين آخرين بالجلد والسجن، وعلى بعض آخر بجدع الأنف وصلم الأذنين، وكان من هؤلاء الأخارى قاضيان وضابطان من المرتشين، فعزت على أحد القاضيين نفسه، أو صحا ضميره فانتحر، وبرأت المحكمة زميله. أما ما أصاب رمسيس الثالث من هذه المؤامرة، واسم الفرعون الذي تمت المحاكمة في عهده، إن كان هو نفسه أم ولده رمسيس الرابع، فكلاهما موضع جدل حتى الآن١.

كانت الخيرات الطائلة لا تزال تترى على خزائن الدولة طوال عهد رمسيس الثالث ومن بعده حتى أواسط عصر الأسرة العشرين، ولكن هذه الخيرات لم تتجه وجهتها السليمة، فاستهلكت المنشآت الملكية الخاصة نفس النفقات التي كانت تستهلكها في أوج عهود التوسع، ولم يفطن أصحابها إلى أن مجالات التوسع أصبحت ضيقة أمامهم بعد أن كانت طلقة ميسرة في عهود أسلافهم. وحرصت المعابد من ناحيتها على ثرواتها القديمة، وزادها رمسيس الثالث ثراء على ثراء، وفاته أنه إذا استطاع أن يبذل عن سعة في بعض عهده فلن يستطيع أن يجد نفس السعة في أواخر عهده. وقد ذكرت وثيقة من أيامه أن دخل معابد آمون في طيبة وحدها بلغ ٦٢ كيلوجرام من الذهب، و١١٨٩ كليوجرام من الفضة، و٢٨٥٥ كيلوجرام من النحاس، وأن مراعيه كان يسرح عليها ٤٢١.٣٦٢ رأسًا من الماشية الكبيرة والصغيرة، وقد أهداه رمسيس منها ٢٨.٣٣٧ رأسًا دفعة واحدة "ربما تعويضًا لمعابده عما ساعدته به من موارد في نفقات حروبه". وبلغ دخل معابد مصر حينذاك نحو مائة ألف مكيال من الغلال، واستأثرت بخيرات ١٦٩ مدينة وقرية في مصر وخارجها، وامتلكت أكثر من ٨٨ سفينة، ونحو ٥٠ ترسانة لصناعة السفن وإصلاحها، وتراوحت مساحة مزارعها بين ١٢ و١٥% أو ما هو أكثر من أراضي مصر الزراعية. وكان على المعابد أن تساهم بنصيب في مشروعات الدولة، ولم يكن لخزائن الدولة غنى عن هذا النصيب، ولكنه لم يكن يصلها كاملًا من المعابد الكبيرة نتيجة لمغالطات كهنتها وامتداد نفوذ كبارهم كالأخطبوط إلى أغلب إدارات الدولة ومرافقها. أما المعابد الصغرى فكان يحدث العكس معها؛ إذ يذوب ريع أوقافها عادة بين أيدي الموظفين ولا يصلها منه غير القليل٢.


١ Ancient Records, Iv, ٤١٦ F., ٤٥٤, ٤٦٩ F.; Jea, Xxiii, ١٥٢ F.; Zaes, Lxxii, ١٠٩ F.; Bifao, ١٠٧ F.; Jea, Xlii, ٨, ٩.
٢ Anc. Records, Iv, ١٥١ F., ٢٢٤, ٢٢٦, Etc.; Erman, Zur Erklarung Des Pap. Harris; Erichsen, Papyrus Harris, ١٩٣٣; H. Schaedel, Die Listen Des Grossen Papyrus Harris ١٩٣٦; Lefebvre, Historie De Grands Pretres D’amon, ١٩٢٩; Jea, X, ١١٦ F.; Rev. D’eg., Vii, ٣٥ F.; Bibl. Eg., ١٩٣٩. ٦٩ F.; Jea, ١٩٤١, ١٩ F., ٧٢ F.
أدولف إرمان وهرمان رانكه: مصر والحضارة المصرية – ص٣٢٠+؛ جون ولسون: الحضارة المصرية – معرب – ص٤٣٩+

<<  <   >  >>