للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثمة صورة لها وجهان، وجه يعيب فراعنة الأسرة وسياسة عصرهم، ووجه آخر يرحب التاريخ به لأنه يكشف عن حقيقة روح شعبية مصرية لم تكن تهضم الضيم ولا تأبى أن تعارضه رغم أنف التقاليد وأذناب الحكام، على عكس ما ألصقه بها كثير من المؤرخين من صفات الاستكانة واللامبالاة والتسليم المطلق بما يقضي به الرؤساء. وتقتصر هذه الصورة في حالتها الراهنة على العاملين في الجبانات الملكية بطيبة الغربية، ولكن ليس ما يمنع إطلاقًا من اعتبارها نموذجًا لما كان يجري في مناطق كثيرة غيرها مما لم يبق من أخبارها شيء مدون. فقد صورت متاعب العاملين في هذه المنطقة بردية نسبت حوادثها إلى العام التاسع والعشرين من حكم رمسيس الثالث١، وذكرت أنهم أضربوا عدة مرات لتأخر صرف مرتباتهم الشهيرة، واستمر إضرابهم في إحدى المرات ثلاثة أيام خرجوا فيها من قريتهم واعتصموا خلف أحد المعابد حتى اتفقوا على خطة ثم اتجهوا تجمعهم إلى معبد الرمسيوم وكان مركز الإدارة في المنطقة ويتضمن مخازن غلالها. وهناك برروا إضرابهم أمام الحراس والكهنة، بمثل قولهم: "ساقنا إلى هنا الجوع والعطش، فليس لدينا كساء ولا دهون ولا سمك ولا خضر، فاخطروا مولانا الفرعون واكتبو إلى الوزير المسئول عن أمرنا حتى يعطينا ما يقيم أودنا"، ففتحوا لهم المخازن بعد لأي وصرفوا لهم مخصصات شهر سابق. فتشجعوا وطلبوا مخصصات الشهر الذي أضربوا فيه، وتجمعوا عند مركز الشرطة، فلم يجد رئيس الشرطة سوى التسليم بحقهم فيما طلبوه ولكنه طلب منهم عدم الإخلال بالنظام ووعدهم بأن ينضم إليهم في اليوم التالي هم وزوجاتهم وأولادهم، إذا وجدوا ضرورة للاغتصاب.

وتجرأ العمال في إضراب آخر فقالوا للموظفين الذين تصدوا لهم: "أخبروا رؤساءكم وهم واقفون بين زملائهم أننا لم نخرج بسبب جوعنا فحسب، ولكن لدينا اتهامًا خطيرًا نود أن نعلنه، وهو أن جرائم ترتكب في هذا المكان التابع للملك، وأن مركز هذا الملك معرض للضرر". واستمر العمال في الشكوى والخوض في أمر الوزير والفرعون إلى حد أن أرسل الوزير إليهم من يقول لهم باسمه "تقولون لا تهضم حقوقنا، فهل تظنون أني عينت لأغتصب وأنهب؟ إن واجبي هو أن أعطي ... فلو كانت أهراء الغلال خاوية فلسوف أرسل إليكم ما استطيع أن أدبره".

تعاقب على العرش بعد رمسيس الثالث ثمانية فراعنة من أسرته، تسموا جميعًا باسم رمسيس، ابتداء من رمسيس الرابع حتى رمسيس الحادي عشر. ويرى زيته أن كلًّا من رمسيس الرابع ورمسيس الخامس كانا ولدين للملك رمسيس الثالث، وأن رمسيس السادس كان حفيدًا له من ابن لم يل العرش، ثم تعاقب الملوك الباقون من أولاده أو من نسله. وقد حكموا فترات تفاوتت بين القصر والطول، ولكنها لم تزد في مجموعها عن ٧٥ أو ٨٠ عامًا٢. وكان من أسماء العرش الأخرى لهم على التعاقب: حقا ماعت رع، وسرماعت رع سخبر نرع، نب ماعت رع – نثر حقا أونو، وسرماعت رع – نثر حقا أونو


١ Jnes, ١٣٧; Gardiner, Ramesside Administrative Documents, ١٩٤٨, ٤٩ F.
٢ See, Peet, Jea, X, ١٦٦ F.; Xi, ٧٢ F.; Xiv, ٥٢ F.; Parker, Rev. D’egyptol., ١٩٥٧, ١٦٣ F.

<<  <   >  >>