للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضها في معابد الرمسيوم "حيث أربت زنة أحد تماثيله على ألف طن" والكرنك والأقصر ومنف وصان الحجر. ونحتوا بعضها الآخر في الصخر الطبيعي في واجهة معبد أبي سنبل بالنوبة. وبلغ الفنانون في نحت بعض هذه التماثيل الكبيرة مبلغًا مقبولًا من النجاح الفني والنجاح التعبيري، ولكنهم اكتفوا في بعضها الآخر بإظهار روعتها عن طريق ضخامتها المفرطة وجلال هيئتها وهيبتها وتحقيق روح الاتساق والانسجام بينها وبين الوسط المعماري الذي أقاموها فيه.

على أنه مهما يكن من أمر، فإن تقديرنا لهذه التماثيل لا ينبغي أن يقتصر على الإشادة بضخامتها وسلامة نسب الغالبية منها وطريقة نحتها فحسب، وإنما يجب أن يمتد كذلك إلى الجهود الجبارة التي بذلها أهل عصرها في قطع كتلها الصلبة الضخمة، ونقلها من محاجرها، وتثبيتها في مواضع عرضها القديمة، وهي جهود لمس صعوبتها عصرنا الحاضر ذو الإمكانيات الواسعة في نقل تمثال عادي من تماثيل رمسيس الثاني مسافة لا تزيد عن أربعين كيلومتر، من قرية ميت رهينة إلى ميدان رمسيس في مدينة القاهرة.

وأصاب تماثيل الأفراد في بداية عصر الرعامسة نوع من الردة والتعصب لأساليب النحت قبل عهد العمارنة: فعاود المثالون تمثيل الأجسام فيها غضة ممتلئة، وأظهروا هيئات أصحابها مترفة، وزادوا تمثيل طيات ثيابها وثنياتها، وأسرفوا في تمثيل تفاصيل الشعور وصنوف الحلي والزينة عليها، وأفاضوا على صفحات وجوهها حلاوة وطراوة واستحبوا فيها ليونة الخطوط واستدارة الزوايا والسطوح١.

واستحدثت مدارس النحت في عصر الرعامسة أوضاعًا جديدة مثلت الفراعنة بها خلال حفلات تتويجهم، وحين يظهرون مع أسرهم، وساعة انتصارهم على أعدائهم٢. كما استخدمت الرمز في التعبير عن أسمائهم بصور منحوتة. واستحدثت أوضاعًا أخرى لتماثيل الأفراد، مثلتهم فيها كأنما يستوحون السداد من الآلهة رعاة الكتابة والحكمة٣، وحين يقدمون نذورهم إلى أربابهم، واقفين وجالسين وراكعين٤.

وتوفر لمدارس التصوير والنقش نشاطها الواسع في مرحلتها الرابعة هذه واتبعت في مجالات كثيرة فتوسعت في مساحات لوحاتها المصورة، وفي إظهار وحدة المجموعات المنقوشة، وفي استغلال وحدة المكان. كما توسعت في تصوير مناظر القتال على البر والبحر، وفي تصوير مناظر الصيد. وتوسعت في تصوير مجالات نشاط الإنسان وعالم الحيوان. وخير ما يستشهد به من نماذجها في هذه المجالات كلها، هي مناظر معبد الرمسيوم من عهد رمسيس الثاني، ومناظر معبد حابو من عهد رمسيس الثالث، وبعض مناظر معابد الأقصر والكرنك في العهدين نفسيهما.


١ Cairo ٧٤١-٧٥١, ٧٦٧, ٨١٦, ٤٢١٦٨, Berlin ١٤١٣١; Brit. Mus. ٥٦٥ “٣٦”; And See Vandier, Op. Cit., ٢٥٨ F.
٢ Cairo ٦٤٧٣٦.
٣ Cairo ٤٢١٦٢, ٥٩٢٩١, Louvre E ١١١٥٣, ١١١٥٤, Etc.
٤ Cairo ٦٠٦, ٦١٩, ٤٢١٥٦, ٤٢١٦٩, ٤٢١٧٤, Etc.

<<  <   >  >>