للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا فتحت أبوابها. ووقفت مصرفي وجهه وقاومت بجيوشها جيوشه مقاومة عنيفة في بلوزيوم "القرما"، وبلغ مجموع جيشها فيما روى الإغريق نحو مائة ألف، وكان كافيًا للمقاومة على الرغم من أنه ثلث عدد جيوش الفرس، وهنا رُوي أن نخت حرحب تردد في الأخذ برأي قادته في ضرورة استمرار القتال في أعقاب مقاومة بلوزيوم وانخدع برؤيا رأى فيها الإله إنحرة يعده إنقاذ مصر بالفيضان كما فعل في المرة الأولى. وكان في هذا التردد فرصة للفرس، وما لبث الجنود المرتزقة من الإغريق أن انضموا إليهم بعد أن أحسوا بأن الكفة بدأت تميل لصالحهم، فتراجع نخت حرحب إلى منف واستعد للتحصن بها على أمل إطالة وقوف الأعداء عندها حتى يتحقق وعد ربه، وعندما أيقن عقم المقاومة تراجع إلى أقصى الصعيد حيث احتفظ بحكمه نحو عامين١، ثم اختفى أثره وأصبح محورًا لأسطورة نعرضها بعد قليل. ونشر الأخطبوط الفارسي نفوذه على ما دون ذلك من أجزاء الوادي، وبدأ استعماره الثاني، وهو استعمار لم يطل غير عشر سنوات أو أحد عشر عامًا ولكنه بدأ بانتقام عنيف ولم يرع عهود الأمان التي قطعها ملكه للمدن المفتوحة، وما كان يرتجى أمان من غاز موتور. وهنا وصفت بردية الأيام الديموطية كيف فقدت بيوت المصريين رجالها .... وسكانها الماذيون "الفرس"٢. وروى كل من ديودور الصقلي والمصادر البطلمية أن أرتاكسركسيس أمر بتدمير أسوار المدن الرئيسية، ونهب كنوز المعابد، وامتهن ديانتها وأمر بنقل تماثيلها الثمينة إلى فارس وتاجر أعوانه بوثائقها النادرة، ثم كافأ الإغريق الذين عاونوه وأعادهم إلى بلادهم، وعين واليها فراسيا على مصر وعاد بجيشه إلى بابل ومعه الغنائم واكتسب شهرة واسعة بنجاحه٣. ولكن لأمد محدود؛ إذ مات مسمومًا وتبعه ولده مسمومًا كذلك. ووصف بتوزيريس "بادي أوزير" كاهن الأشمونيين المصري أحداث هذه الفترة وكيف لم يسترجع أحد موضعه الذي كان فيه نتيجة الاضطرابات التي شهدتها مصر، حين كان الصعيد في قلق والدلتا في ثورة ... وبعد أن خوت المعابد وما عاد شيء يجري فيها منذ غزا الأجانب مصر٤ وكان الدلتا وما حولها في ثورة فعلًا على الرغم من انتشار الحاميات الفارسية فيها، وقد ذهب زعماؤها مذهبين: فرأى فريق منهم أن يناضل في وطنه، وكان منهم زعيم يدعى خباش سيطر على جانب من الدلتا واعترف به كهنة منف وبعض أهل الصعيد فرعونًا٥ وصرف الفرس عنه أصوات دقات عنيفة سمعوها من بلاد الإغريق التي بدأت حينذاك أعظم أيامها تحت راية الإسكندر الثالث "الأكبر". ثم فريق آخر من المصريين رأوا العودة إلى معاونة الإغريق ضد الفرس في الخارج ثم الاستعانة بهم ضدهم في الداخل، وكان من هؤلاء طبيب مقاتل يدعى سماتاوي تاف نخت انضم إلى جيوش الإغريق عندما عبرت أوروبا إلى آسيا وهبطت من آسيا الصغرى إلى قتال الفرس في الشام٦. ولم يكن قادة الإغريق في هذه المرة من أثينا أو


١ Maspero, Les Contes Populaires De L’egypte Ancienne, ٤eme, Ed., ٣٠٧; Brugsch, Thesaurus, Iii, ٥٤٩; Chassinat, Edfou, Vii, ٢٣٩; Bickermann, Op. Cit., ٨١ F.
٢ Spiegelberg, Demotic Chronicle, ١٤ F.
٣ Diodorus Xvi, ٥١.
٤ Lefebure, Le Tombeau De Petosiris, ١, ٣ F.
٥ Kienitz, Op. Cit., ١٨٥ F., ٢٣٢.
٦ Schaefer, Aegyptiaca, Festschrift F. Ebers, ٩٢ F; Sethe, Urk., Ii, ١ F.; Bifao, Xxx,٣٦٩ F.

<<  <   >  >>