اللوحة بعد قلبها رأسًا لعقب بحيث يقابل النهر الأول من ظهرها النهر الأخير من سطحها، كما كان منهم من استعاضوا عن اللوحات أحيانًا بكتل طينية مجسمة على هيئة الأسطوانة، أو هيئة المنشور، رغبة في أن تتسع سطوحها للنصوص الطويلة.
واستمرت موجة الاختزال تعمل عملها البطيء في العلامات السومرية. وواصلت وجهتها التخطيطية حتى غدت هيئة كل علامة منها تشبه هيئة المسمار، وذلك مما دعا إلى تسمية كتابتها اصطلاحًا باسم الكتابة المسمارية "أو الكتابة الإسفينية". وقد ناسبت هذه الكتابة في هيئتها الجديدة استخدام أهلها أقلام الغاب والخشب "والمعدن" ذات السن المدبب، ثم الأقلام المنشورية المقطع التي انتهوا إلى الكتابة بها فأصبحت بدورها من أسباب تسمية الكتابة بالكتابة المسمارية. وظل السومريون منذ ذلك الحين يصورون خطوطهم الجديدة رأسية وأفقية ومائلة، متجاورة، ومتصلة أو متقاطعة، وإن احتفظوا لعدد منها بهيئاته التصويرية القديمة، مثل صورة القدم والسهم والمشط وبعض الأغصان والأزهار، وهي صور استخدمت لذاتها أحيانًا، ولتكون مخصصات لكلمات تتصل بها أحيانًا أخرى. كما تخففوا شيئًا فشيئًا من الفواصل الرأسية التي كانت تفصل بين كل جملة وأخرى.
لم تميز الرموز الصوتية السومرية كثيرًا بين الحروف المتقاربة في النطق، مثلما بين حرفي د، ت، وما بين حروف ج، ك، ق، وما بين حرفي س، ز "وذلك مما أحس الساميون بالنقص فيه عندما أصبحوا يكتبون لغتهم بالكتابة المسمارية حاولوا تعويضه منذ العصر الأكدي في أعقاب عصر بداية الأسرات السومري". غير أن المقاطع السومرية تميزت في مقابل هذا النقص بتضمنها ما يؤدي غرض حروف الحركة التي تنقص أغلب الكتابات السامية القديمة، وذلك حين توضيحها للتعبيرات المركبة التي تتألف من "حرف حركة + حرف ساكن" أو تتألف من "حرف ساكن + حرف حركة"، أو تتألف من "حرف ساكن + حرف حركة + حرف ساكن".
وعمل السومريون على الجمع بين القديم وبين المستحدث في كتابتهم، شأنهم في ذلك شأن أغلب الشعوب الزراعية المحافظة القديمة، "مثل الشعب المصري" وترتب على ذلك أن كتبتهم كانوا يكتبون الكلمة الواحدة بصورتين أحيانًا، وبالطريقتين التخطيطية والصوتية معًا. فكلمة "ماتو" بمعنى أرض، قد يكتبها الكاتب السومري بثلاث علامات مسمارية بسيطة تدل عليها ثم يتبعها بثلاث رموز صوتية تساوي "ما - آ - تو"، وذلك فضلًا عن التجائه إلى إضافة المخصصات التصويرية إلى كلماته أحيانًا، كما ألمحنا من قبل، مثل إلحاق علامة الشجرة بأسماء الأشجار وأنواع الخشب والمصنواعات الخشبية، وإلحاق علامة المكان بأسماء الأقطار والبلدان ... ، إلخ.
واستمرت الكتابة المسمارية في تطورها، وانتقلت بخصائصها من لوحات الطين الشائعة إلى لوحات الحجر والمعدن حيثما توفرت "مع بقاء الغلبة للوحات الطين"، وكانت جهود السومريين الأوائل في تطويرها بمثابة حجر الزاوية لها. وظلت تختلف عن الكتابة المصرية القديمة التي نافستها شهرتها في العالم القديم،