للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبلاد مارتو "بوادي العراق والشام"، كانت كلها آمنة مطمئة، وجميع الكون والناس في وحدة وألفة، يمجدون إنليل بلسان واحد ... "١.

وتناقل السومريون الأقدمون أسماء حكامهم وزعمائهم الأوائل شفاهة في سياق الأساطير، وخلطقوا بينهما وبين أسماء أربابهم، وظلوا كذلك حتى دون خلفاؤهم أخبارهم الأسطورية التي عرفوها عنهم، فذكروا أن العمران تركز قبل الطوفان في خمس مدن كبيرة متعاقبة، وهي: إريدو، وبادتيبيرا، ولاراك، وسيبار، وشوروباك، وأضافوا أن حكم كلًّا من مدينة هذه المدن على التعاقب عدد من الأرباب وأنصاف الأرباب لفترت دامت آلاف السنين، وعندما عاد العمران إلى أرض العراق بعد الطوفان ظهرت مدن أخرى كثرة مثل كيش، وأوروك، وأور، وأداب، وماري ... ونسبوا الحكم في هذه المدن إلى شخصيات أسطورية قيل إنها عمرت هي الأخرى قرونًا كثيرة، ثم تواضعوا ونسبوا إلى بعض من عرفوهم من الحكام الفعليين قريبي العهد من عصورهم التاريخية عشرات محدودة من السنين٢. بيد أنه مهما يكن في هذه الأخبار الأسطورية التي تصمنتها قوائم الملوك من مبالغات واختلافات، فهي قد تضمنت حقيقتين، وهما: فكرة حدوث طوفان قديم في أرضهم، ثم قيام أوضاعهم السياسية على أساس وجود المدن المستقلة المفرقة.

وسوف نعرض لتفاصيل قصة الطوفان حين الحديث عن آداب السومريين في أواخر عصرهم، بعد قليل. وحسبنا الآن عنها أن الأبحاث الأثرية الحديثة كشفت في الطبقات السفلى العتيقة لمدن أور، وشوروباك، وكيش، عن آثار فيضان كاسح طمس على عمرانها بطبقات من الطمي تراوح سمكها في بعض المواضع بين نصف المتر وبين الثلاثة أمتار. ويرجع البعض هذا الطوفان إلى أوائل الألف الرابع ق. م، بينما يرجع البعض آخر بداية عصر ما بعد الفيضان إلى قبيل استقرار السومريين في أوائل الألف الثالث ق. م٣.


١ Kramer, From The Tablets Of Sumer, Ch. Xxv; Kupper, Les Nomades En Mesopotamie. ١٩٥٧; Th. Jacobsen, The Sumerian King List “Assyriological Studies No. Xi”, ١٩٣٩; E. A. Speiser, Ancient Mesopotamia, By R. C. Dentan, The Idea Of History In The Ancient Near East, ١٩٥٥, ٣٥ F.
٢ Mallowan, Op. Cit., ٢٤٣-٢٤٤.
٣ Woolley, Excavations At Ur, ٢٨ F.; Martin A. Beek, Atlas Of Mesopotamia, ١٩٦٢, ١٢; Mallowan, Iraq, Xxvi, ١٩٦٤, ٦٩ F., ٧٤ F.

<<  <   >  >>