للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظهر في لجش عدد من رجال الإصلاح والسياسة١، عرف التاريخ منهم مؤسس أسرة حاكمة يدعى أورنانشه "وكان ينطق من قبل أورنينا"، نشط العمران الداخلي في عهده، وصوره فنانه في نقوش لوحة صغيرة من الحجر الجيري ومن حوله أولاده وأفراد حاشيته، يحمل فوق رأسه سلة يحتمل أنها كانت تتضمن بضعة نماذج من أدوات البناء والتعمير، أو تتضمن كمية من الطين أو التراب لضرب اللبنات الأولى في حفل إقامة مشروع جديد "قد يكون مشروعًا دينيًّا"٢، ثم صوره في لوحة أخرى صغيرة "ذات ثقب مستدير في وسطها" يسير في هيئة المتعبد أو الداعي يضع يديه على أسفل صدره، ومن خلفه حاجبه بحجم صغير يرفع يديه على هيئة التحية، ثم أربعة من الأمراء أبنائه في صفين يسيرون على هيئة أبيهم، وكلهم يرتدون ثيابًا نصفية تمتد من أسفل الصدر إلى ما تحت الركبة. ومثلت الصورة الثالثة هذا الحاكم الطيب في وليمة لعله كان يحتفل فيها بإتمام مشروعه. وجاء في نصوصه أن سفنه وسفن دلمون نقلت الأخشاب الضرورية لبناء المعابد على متن النهر. ومع اتجاهه الديني امتد نفوذ أورنانشة خارج بلده وحتى مدينة أور.

ثم حاكم من أحفاده يدعى إياناتم Eannatum، كان رجل الحرب في دولته، تطور التنافس في أيامه إلى دوره العنيف مع أوما، ويبدو أن حكامها ومنهم من يدعى أوش، تنكروا في عهد سلفه لمعاهدة السلام القديمة وأظهروا العدوان واحتلوا الأطراف الزراعية "جوادنا" الفاصلة بين المدينتين، فرد إياناتم لهم الصاع صاعين، وذكرت نصوصه أنه استفتى ربه في حربهم وزار معبده واستلقى فيه على وجهه، فتمثل له نين جيرسو في رؤياه ووقف عند رأسه ووعده بأن ينصره وبأن قوة بابار سوف تؤيده٣. ولما تم النصر له على خصومه خلد فنانه ذكراه على لوحة تعرف اصطلاحًا باسم لوحة العقبان٤، نقشت على وجهيها وبقيت منها ست قطع، صور ملكه عليها يحارب برمح غليظ وقوس وعصا معقوفة، راكبًا عربته، وراجلًا، وصور بعض جنوده المشاة في صفوف صغيرة يتترسون بتروس كبيرة يقل ارتفاعها عن قامة الرجل بقليل، ويحملون رماحهم أفقيًّا، ومشاة آخرين يتسلحون بالحراب الطويلة المشرعة والبلط، وجعل لبعض هؤلاء وهؤلاء ما يشبه الخوذ على رءوسهم، وذكر أن من استشهدوا منهم دفنوا في ساحة المعركة بعد النصر في احتفال مهيب، وصور بعض إخوانهم يحملون سلال التراب ليوسدوهم في باطن الأرض، ثم صور جثث الأعداء عارية ممددة تحت أقدام الجنود، وصور بعضها الآخر تنهشها الأسود والعقبان وصغار الطيور، وذكر أن ضحاياه بلغوا ٣٦٠٠ رجل.

وصور الفنان ملكه يزجي الشكر لربه نين جيرسو ويصب القرابين في حضرته، وصور هذا المعبود على ظهر اللوحة على هيئة شيخ جليل يقبض بيسراه على أطراف قفص ذي شباك ارتمى فيه بعض ضحاياه


١ See, E. Sollbergen, Corpus Des Insciptions Royales Presargoniques De Lagash, Geneve, ١٩٥٦.
٢ E. De Sarzeo, Op. Cit., Pl. ٢ Bis; And See, Sumer, ١٩٥٩, ٢١ F.; ١٩٦٠, ٣٥ F.
٣ Thureau-Dangin, Les Inscriptions De Sumer Et D’ Akkad, ٢٧.
٤ Heuzey Et Thurem- Dangin, Restitution De La Stele Des Vautours; Handcock, Mesopotamian Archaeology, Fig. ٢٧ F.; Frankfortk, The Art And Architecture..., Pls. ٣٤-٣٥.

<<  <   >  >>