للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حشي فمها بالملح ونقع به. وأصبحت أغلب هذه البنود، وهي قلة من كثرة لم يعثر عليها، أساسًا لبعض ما تلاها من تشريعات١.

أعيد في عهد أورنمو تسوير عاصمته ذات الهيئة البيضية التي أطلت على نهر الفرات بميناء ذات أرصفة واسعة، وحماها الماء من ثلاث جهات، وبلغت مساحتها نيفًا ونصف ميل طولًا، وربع ميل عرضًا. وامتدت حولها ضواحيها وشغلت معها مساحة قدرها نحو أربعة أميال طولًا وميل ونصف عرضًا وأطل سور المدينة من داخله على ساحة متسعة "بلغت مساحتها ٤٠٠ ياردة ×٢٠٠ ياردة" قامت فيها معابد المدينة الكبرى المخصصة للمعبود ننار وزوجته ننجال وحاشيتها. وبقيت أجزاء لبعض هذه المعابد حتى الآن بحالة لا بأس بها.

وفي الحياة السياسية تجنبت أور إلى حد ما العوامل الوخيمة التي نخرت في كيان الدولة الأكدية من قبلها نتيجة للتفرقة بين السومريين وبين الساميين وشطر أهل البلد الواحد شطرين، فاستعانت بالعنصرين في جيشها وفي مناصب الإدارة. وجمعت بين اللغتين السومرية والأكدية في بعض الوثائق الرسمية والأدبية. وتسمى بعض ملوكها بأسماء سامية الصبغة مثل شوسين، إبي سين. ولو أن هذه السياسة لم تمنع ملوكها من انتسابهم إلى سومر أكثر من غيرها، ولا من مركزة الحكم في عاصمتهم كما فعل الأكديون من قبل، فظلت هذه العاصمة تشرف على كل كبيرة وصغيرة من شئون المدن والأقاليم، ويبدو أنها استعانت على ذلك باستحداث نظام يشبه نظام الوزارة، والعناية بنظام العدائين لتبليغ أوامرها إلى ولاة أقاليمها، واعتبرت أولئك الولاة مجرد موظفين كبار يخضعون للنقل من إقليم إلى إقليم.

ولم يضح ملوك أور بالهالة المقدسة التي اكتسبتها الملكية منذ أيام الدولة الأكدية، وكان أكثرهم استمساكًا بها "شولجي" "ذلك الذي كان اسمه يقرأ دونجي ثم ظهر رأي جديد يقرأه شاخ - جي"٢، وقد اختير كاهنًا أكبر للمعبودة إنانا في أوروك في حياة أبيه، وذكرت نصوصه أن الإله اختاره بنفسه٣، وأطلق اسمه بعد توليه العرش على أحد شهور دولته، ورفعه أهل بلاطه إلى مرتبة الربوبية أو ما هو قريب منها ورضي هو بها بطبيعة الحال، فسمى بعضهم أولاده باسم "شونجي إيلي" بمعنى شولجي إلهي، و"شولجي باني" بمعنى شوجلي الخالق، فضلًا عن "شولجي أبي". وأقطع شولجي ابنته منطقة واسعة، فأصبحت أميرة لها. وربط بين الميول الدينية في بعض المدن الكبيرة وبين عقائد بلده عن طريق تكليف كل مدينة بنفقات قرابين معبد إله العاصمة شهرًا على الأقل من كل عام، ووقع أغلب الغرم في ذلك على مدينة لجش فتكفلت بأداء القرابين أربعة أشهر كاملة.


١ E. Szlechter, Le Code D’ur-Nammu, Rev. D’assyriologie, ٤٩, ١٩٥٥, ١٦٩ F.; Kranner And Gurney, As,Xvi “١٩٦٥”, ١٣-١٩; J.J. Finkelstein, Supplement To Anet, ١٩٦٩, ٥٢٣-٢٦.
٢ Th. Jacobsen, Bulletin Of The American Schools Of Oriental Research, ١٩٤٧, ١٦ F.
٣ ديلابورت: المرجع السابق- ص١٨٠.

<<  <   >  >>