للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يعمل لما فيه مصلحته. وصورت هذه الأوضاع رسالة أرسلها "إبي سين" آخر ملوك أور إلى قائد من قادته يُدعى "بوزور نوموشدا" تولى حكم مدينة كازاللو "وهي مدينة غير معروفة قد تقع شرقي دجلة"١، عاب عليه فيها تردده في مهاجمة رجل ماري "إشبي إرا"، بعد أن تلقى من هذا القائد رسالة أخبره فيها أن إشبي إرا بث عيونه حوله، وأنه لن يستطيع مغادرة أرضه إلا بعد أن ينزاح خطره عنه ... ورد إبي سين أسباب المحنة إلى القضاء والقدر وإرادة الأرباب وفساد الدولة، فقال لقائده: "قضى إنليل بالشر على سومر وهبط عودها من أرض ... وتولى زعامة البلاد. وترك إنليل الملكية لإشي إرا الرجل الوضيع غير السومري. وسجدت سومر في مجمع الأرباب، وقضى إنليل أنه طالما بقي أهل السوء فيها فلسوف يدمر إشبي إرا رجل ماري بنيانها ويكتسح أرضها٢.

ويبدو أن إشبي إرا استمر في خداعه وادعى الغيرة على مدن أخرى غير ماري، فنقل نشاطه إلى مدينة نيبور ثم إلى مدينة "إسين" إلى الجنوب منها بنحو ثلاثين كيلومتر. ومن هناك أرسل إلى أبي سين يدعى أنه سوف يدافع عن المدينتين ويطلب المدد منه لهذا الغرض، ولكن الملك السومري ظل على سوء الظن به، فانتهزها إشي إرا وكشف القناع عن أطماعه وسيطر على المدينتين لصالحه واتخذ ثانيتهما عاصمة له، في نفس الوقت الذي اندفع فيه حلفاؤه الساميرون إلى قلب العراق وسيطروا على سهل سوبار٣.

واعترف الملك السومري إني سين في رسالته إلى قائده بهذه الحقيقة المرة، وحاول معه محاولته الأخيرة، فتنبأ له بأنه إن ضل وجرى مجرى المنحازين إلى الساميين فلن يقدره العدو قدره، ودعاه من ثم إلى التزام جادة الصواب، وبشره بأن الأموري لن يبلغ مأربه؛ لأن إنليل سوف يكشف الغمة ويرسل جماعات جديدة من بدو مارتو يفسدون عليه أمره، وقد يهاجمه العيلاميون أيضًا، وحين ذاك تستفيد سومر من تنافس الخصوم وتستعيد مجدها القديم.

وشيئًا فشيئًا انقطع التاريخ باسم إبي سين السومري في مدينة بعد أخرى "مثل مدن إشنونا ولجش وأوما .. " مما يعني انسلاخها عنه أو وقوعها في يد عدوه. وسواء تقدم العيلاميون حينذاك من تلقاء أنفسهم، أم استنجد بهم إبي سين كما يعتقد الباحث ياكوبسن، فقد استغلوا الظرف لمصلحتهم ومدوا سلطانهم حتى مدينة لارسا التي قامت على مقربة من أور وقامت على أطلالها بلدة سنكرة الحالية، وكانت مركزًا من مراكز عبادة الشمس، وعرف معبد إله الشمس فيها باسم إبابار. وكان المنتفع بهذه الخطورة ملك منطقة إيموتبال وهي منطقة شرقية قريبة من الحدود الإيرانية، جرت في حكامها دماء إلامية أو عيلامية، وكان يتلقب بلقب أدا إيموتبال بمعنى والدها. وبعد أن سيطر على لارسا لقب نفسه بلقب أدا الغرب وعين ولده وردسين ملكًا عليها.


١ Anet, ٤٨٠ N. ٣.
٢ Kramer, Anet, ٤٨٠-٤٨١; A. Falkenstein, Az, Xlix “١٩٤٩”, ٥٩ F.
٣ See, Jacobsen, Journal Of Cuneiform Studies, Vii “٢”, ١٩٥٣, ٣٩; F.A. Ali, Archiv Orientaini, Xxxiii, ١٩٦٥, ٥٢٠-٥٤٠.

<<  <   >  >>