للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عصرها، ولم تخل في بعض تفاصيلها من تكرار وتناقض، ويرى بعض الباحثين في ترتيب بنود هذا التشريع ما يسمح بتقسيمها إلى ثلاث مجموعات: مجموعة تتضمن البنود ١ - ٥ وتتعلق بأمور القضاء والتقاضي وما يشبه أصول المرافعات. ومجموعة ثانية تتألف من البنود ٦ - ١٢٦ وتتصمن قانون الأموال أو المعاملات. ثم مجموعة ثالثة تتألف من البنود ١٢٧ - ٢٨٢ وتتصمن قوانين الأسرة أو الأحوال الشخصية - غير أن هذا التقسيم يصعب تتبعه حرفيًّا في بنود التشريع. وتعبر الأرقام التي وضعناها بين قوسين فيما يلي عن أرقام بنود التشريع المتعارف عليها.

فمن أحكام التشريعات الراقية في شئون التقاضي والقضاء، أنه أيما مواطن اتهم مواطنًا آخر بجريمة يعاقب عليها بالإعدام ثم لم تثبت عليه قتل عوضًا عنه. وإذا اتهمه بجريمة يعاقب عليها بالتغريم، ثم ولم تثبت عليه دفع غرامتها. وقد ينطوي هذا تحت ما يعبر الآن عنه بمكافحة البلاغات الكاذبة وأحكام رد الشرف. ونصت على أنه أيما قاضٍ أصدر حكمه في قضية ودون حكمه ووقع عليه ثم زور فيه لغرض ما وثبت ذلك عليه، أقيل من منصبه وحرمت عليه مناصب القضاء ودفع ما يوازي اثنتي عشرة مرة من قيمة الشيء الذي زور فيه، وفي ذلك ما فيه من مكافحة الرشوة في القضاء وهي شر البلية.

وتضمنت مبادئها الراقية في مسئولية عن شئون الأمن وحقوق المواطنين عليها، أنه إذا سُرق مواطن ولم يتيسر القبض على سارقه واسترجاع المسروقات، عوضته مدينته وحاكم إقليمه عما سُرق منه بعد أن يعلنه ويثبت صحة دعواه أمام تمثال معبوده ورجال الإدراة في بلدته "٢٣". وإذا قُتل مواطن ولم يتيسر معرفة قاتله والاقتصاص منه تعاونت المدينة وحاكم الإقليم على دفع دية إلى أهله مقدراها مينه من الفضة "٢٤" وإذا شب حريق في دار مواطن وكلف آخر بإطفائه فاستغل وجوده في النار واختلس بعض متاعها، ألقي به في النار "٢٥".

ومن مبادئها الراقية كذلك في إقرار حقوق المحاربين في مقابل مسئولياتهم، أنه إذا افتدى ممول محاربًا "ريدوم" أو متعهدًا بالجيش "بيثيروم" من الأسر وأعانه على العودة إلى بلده، رد المحارب فديته من أملاكه المنقولة، فإن لم يستطع تولاها عنه رب مدينته "أي حصل عليها من دخل معبده"، فإن لم يتيسر ذلك تولت الدولة سدادها عنه "٣٢"، حتى لا يضطر إلى التضحية بأملاكه الثابتة التي تقطعها الدولة له، في سبيل افتداء نفسه. وكان إقطاع المحارب يُسمى كو، وقد يتألف من حقل أو بستان أو دار، أو يضم الثلاثة جميعها، ويدفع عنه صاحبه ضريبة سنوية ويورث حق الانتفاع به لولده الأكبر ولكن لا يحق له أن يبيعه أو يرهنه أو يورثه لزوجته أو لابنته، ويمكن أن ينزع منه هذا الإقطاع بأمر ملكي ويوهب لشخص آخر.

وإذا استشهد محارب آلت أملاكه إلى ولده "٢٨"، فإذا كان ولده صغيرًا تولت أمه إدارتها نيابة عنه إن استطاعت، وربته من ريعها نظير انتفاعها بثلث إيرادها "٢٩". فإذا لم يكن له ولد، وآلت إقطاعيته إلى شخص آخر، ثم ظهر أنه حي وعاد إلى بلده حق له أن يسترد إقطاعيته "٢٧".

<<  <   >  >>