رسولين فوق السهل والجبل، وحطم إراجال المساند "التي تسند الدنيا"، وخرج نينورتا فجعل الترع تفيض، وحمل الأنوناكيون المشاعل وجعلوا الأرض تتوهج بها، وبلغ غضب أداد السماوات، وأحال النوبر إلى ظلمة، وهبت عاصفة الجنوب يومًا كاملًا بسرعة عنيفة فنسفت الجبال، واقتلعت الناس، فخشي الأرباب عاقبة الطوفان وأجفلوا وصعدوا إلى سماء آنو "أعلى السماوات" وتجمعوا كالكلاب حين تقبع بجوار الجدران؛ وصرخت إشتار صرخة أنثى تلد، وولولت صاحبة الصوت الشجي قائلة: ضاعت الأيام الحوالي هباء لأني أخطأت في مجمع الأرباب؛ ولكن كيف أخطئ في مجمعهم وأعلن حربًا لفناء الناس وأنا التي وهبتهم الحياة، فتكاثروا كأسماك البحر ... " وبكى الأنوناكيون معها.
واستمرت أعاصير الطوفان ستة أيام "وست" ليالي واكتسحت الأرض كما تكتسحها عاصفة الجنوب، وفي اليوم السابع هبطت العاصفة وهدأ البحر وتوقف الطوفان، وتطلعت إلى الجو، فإذا سكون شامل والناس قد تحولوا إلى طين، وأصبحت الأرضيات في مستوى السقوف. ففتحت منفذًا، وسقط الضوء على وجهي، فسجدت وبكيت، وتطلعت أتلمس خطوط الساحل على مدى البحر هنا وهناك، وبدت يابسة. والتصقت السفينة "نسرات نابشتم أي منقذة الحياة" بجبل نيزير١ فاحتجزها، يومًا ويومين وثلاثة وأربعة وخمسة وستة ولم يدعها تتحرك. وفي اليوم السابع أطلقت حمامة، فذهبت وعادت وعز عليها أن تجد مكانًا ظاهرًا تحط عليه، وأرسلت سنونو فذهب وعاد حين لم يجد موضعًا ظاهرًا يحط عليه، فأرسلت غرابًا فذهب ورأى الماء يتناقص فأكل وعب ودار ولم يعد. وحينذاك واجهت الجهات الأربع وضحيت - وسكبت قربانًا فوق قمة الجبل، ونصبت ١٤ قدرًا، وعندما شم الأرباب الرائحة تجمعوا كالطيور حول الأضاحي. ثم وصلت العظيمة "إشتار" ورفعت حليها العظيمة التي أهداها لها آنو، وقالت: أيها الأرباب، بحق هذا اللازورد حول عنقي، سوف أذكر هذه الأيام ولن أنساها، ادعوا الأرباب إلى الأضاحي ولكن لا تدعوا إنليل الذي سبب الطوفان وأهلك شعبي، وبعد فترة وصل إنليل فلما رأى السفينة غضب وقال: هل نجت روح وما كان لبشر أن يبقى؟ فأجاب نينورتا، ومن غير إيا يفشي الخطط وهو العليم بكل شيء؟
وهنا قال إيا لإنليل العظيم: يا حكيم الأرباب يا بطل، كيف تتهور وتأمر بالطوفان؟ إنما تقع الخطيئة على مرتكبها، وعلى الباغي تدور الدوائر، كن رحيمًا وإلا قطع ... ، كن صبورًا وإلا أقصي ...
أما كان يخرج أسد فيقلل للناس عوضًا عن الفيضان؟
أما كان يخرج ذئب فيقلل للناس عوضًا عن الفيضان؟
أما كانت تحدث مجاعة فتقلل للناس عوضًا عن الفيضان؟
١ تعدد المحاولات للتعرف على هذا الجبل في منطقة كردستان قرب السليمانية، وجنوبي الزاب الأصغر، وحيث يوجد بين أمر جدروون أبو بير إه نبه جدروون، أو جبل أرارات أو جرديان في أرمينيا - ولكن بغير دليل قاطع.