للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض وحدات الأوزان والمقاييس "شأنهم شأن الهكسوس في مصر". وكان من التطورات اليسيرة التي لحقت بصناعة الأختام الأسطوانية في عصرهم كثرة صناعتها من اليشب وبداية صناعتها من العقيق اليماني وكثرة تسجيل دعوات التعبد وتمجيد الأرباب عليها على حساب صور الأشخاص والأشياء. ثم دخلت صناعة الحديد إلى العراق في النصف الأخير من عصرهم.

وأرخ الكتبة الكاسيون بسنوات حكم ملوكهم١. بعد أن كان أهل العراق يؤرخون بالأحداث الرئيسي أكثر من غيرها. وشاد بعض ملوكهم مدنًا جديدة نسبوا بعضها إلى أنفسهم، وأخصها مدينة دور كوريجالزو، أي مدينته أو حصنه، وهي عقرقوف الحالية التي تبعد عن بغداد بنحو عشرين ميلًا٢.

وجرى الملوك على السياسة القديمة في منح الإقطاعيات العقارية للمقربين إليهم من العسكريين والمدنيين ويبدو أنهم حرروا ملكيتها بحيث أصبحت أشبه بالأملاك الخاصة لأصحابها، لا سيما بالنسبة لأفراد الطبقة الكاسية الحاكمة. ومن الوثائق الطريفة التي احتفظت بأسلوب منح الإقطاعيات والإعفاءات في عصرهم، هبة سجلها ملك كاسي يدعى "مليشيباك" باسم ابنته وابنه، ومنح كلًّا منهما بمقتضاها إقطاعية واسعة في أرض البحر بعد أن استصلحها أعوانه وأعدوها للزراعة وأنشئوا فيها قرًى جديدة. وشفع الملك تفاصيل هذه الهبة بإعفائها من التكاليف التي تفرضها دولته على مناطقها الزراعية، وهي تكاليف عرفتها بلاد النهرين قبل عهده بعصور طويلة، ويفهم من قراراته بشأنها أن الدولة كانت تحصل على جزء من باكورة المحاصيل الزراعية، وتستخدم مواشي الإقطاعيات لمصلحة أرضها الزراعية الخاصة حين تشاء وتسخر العمال الزراعيين في خدمة المرافق الملكية والمرافق العام مثل شق الترع وتطهيرها وتشييد جسورها وقطع الحشائش المائية والأعشاب البرية، وهي إجراءات اعتادت عليها أغلب الحكومات القديمة.

واتسعت الصبغة الإقطاعية في الدولة إلى حد يمكن اعتبارها معه ممثلة للعصور الوسطى البابلية، وكان من مظاهرها بين الطبقات العادية توارث الحرف بين أسر وطوائف معينة، يذكر الشخص فيها باسمه واسم أبيه ثم ينسب إلى حرفته، وذلك مما سمح بتتبع أصول بعض الأسر الحرفية فيها لبضعة أجيال، وكانت منها أسر للكتبة ارتبطت بالمعابد أكثر مما ارتبطت بغيرها وكان لها الفضل في نسخ كثير من الألواح الدينية والأدبية القديمة٣.

وعبد الكاسيون أرباب بلاد النهرين إلى جانب أربابهم القوميين، بأسمائهم القديمة أحيانًا وبمسميات آرية أحيانًا أخرى٤. واعتز أحدهم "أجوم" بأنه أرجع تمثال مردوك وتمثال زوجته زربانيتوم من دولة


١ Cf. Albert T. Clay, Documents From The Temple Archives Of Nippur Dated In The Reigns Of Cassite Rulers, ١٩٢٦; A. Pocbel, Assyriological Studies, ١٥.
٢ Iraq, Supplement, ١٩٤٤, ١٩٤٥, Iraq, Viii “١٩٤٦”, ٧٣ F.
Lambert, Op. Cit., ١٣.
Sabatino Moscati, The Face Of The Ancient Orient, ١٩٦١, ١٥٤.

<<  <   >  >>