للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يطل أمد السلام الذي حققه الميتان لأنفسهم، فبدأ الخاتيون ينافسونهم في المنطقة الشامية العراقية التي تلي الأناضول وتمتد فيما بين الفرات وبين ساحل البحر المتوسط، وكان لهم ضلع ذات مرة في إزاحة أحد الملوك الميتان عن عرشه وتنصيب أحد عملائهم وصيًّا على وريث العرش الصغير. وظلت الحال مائعة بين الدولتين حتى ولي عرش الخاتيين ملكهم الطموح سوبيلوليوما فهاجم بجيوشه أرض الميتان ولكن ملكهم توسراتا استعان بصهره الفرعون المصري أمنحوتب الثالث فأعانه بجيوش ردت الخاتيين على أدبارهم، واحتجز الملك الميتاني عربة وخيلًا من الغنائم لصهره أمنحوتب المصري، وبعض الحلي لأخته "زوجة أمنحوتب"١ ثم شغلت مصر مشاكلها الخاصة عن حليفتها، وعمل الملك الخاتي من ناحيته على تأليب بعض الأمراء الميتان على ملكهم وعلى استمالة ود الآشوريين في نضاله معهم، ثم ضرب ضربته فهاجم بجيوشه عاصمة الميتان وكاد أن يقضي على دولتهم لولا أن شغلته عنهم ثورة في أملاك دولته بشمالي الشام، وعندما انسحب بجيوشه من العراق، استغل أصدقاؤه الآشوريون تخلخل الموقف لصالحهم، فاتبعوا طريقته واستمالوا بعض الأمراء الميتان إلى صفوفهم، وهاجموا العاصمة الميتانية واستردوا منها كنوزًا كان الميتان قد اغتصبوها من أرضهم، ولكن آشور كانت على الرغم من ذلك لا تزال في بداية نهضتها ولهذا لم تستمر في الشوط إلى نهايته. وعادت أزمة الموقف السياسي إلى أيدي الخاتيين وساعدهم أن اغتيل خصمهم الميتاني العنيد توسراتا، فأجبروا ولده "ماتي يوزا" على عقد معاهدة معهم اعترف فيها بخضوعه لهم٢. وما لبثت دولة الميتان حتى توارت من مسرح الحرب والسياسة، حوالي عام ١٣٦٥ق. م٣. وتشتت أهلها الآريون في نواحي الأناضول وسواحل الشام، ولم يعودوا يعرفون باسم الميتان وإنما باسمهم القديم "الحوريين" أو "الخوريين"، وكان لهم أثر لاينكر في نقل ثقافة بلاد النهرين وأساطيرها إلى المناطق التي نزلوها سواء حين قوتهم أم حين تظاقهم.


١ ديلابورت: المرجع السابق - ص٢٩٥.
٢ نفس المرجع - ص٢٩٦ - ٢٩٧.
Cf. Goetze, Der Hethiterreich, In Der Alte Orient, ١٩٢٨, ٢٦ F.; L. Delaporte, Les Hittites, ٩٣ F.

<<  <   >  >>