للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرض أمورو، وتلقى جزى جبيل "جوبال" وصيدا "صيدونى" وأرواد "أرمادا"، ثم هاجم أرض خاتي الكبرى وفرض الجزية على ملكها إيل تيشوب١، وغزا الصحراء بخيله ورجاله وبعون ربة آشور، وهاجم الأخلامو والأراميين ثماني عشرة مرة من أرض سوخي حتى مدينة قرقميش وأسر منهم وقتل ونهب، وانتصر على ست مدن على سفح جبل بشرى وحرقها ودمرها ونقل غنائمها إلى آشور٢، كما عبر الفرات مرتين في عام واحد ليدحرهم، وتغلب عليهم ابتداء من تدمر في أرض أمورو، وعنات في أرض سوخي، حتى مدينة رابيقو في كاردونياش "بابل؟ "٣. وجرب حظه مع بابل نفسها فانهزمت جيوشة أمام جيوش ملكها "ماردوك نادين أخى" حينًا، وانتصرت عليه حينًا آخر ودخلتها لأمد قصير٤. وبلغ من ثقة تيجلات بيليسر بسيطرته على ملكه العريض أن بنى له رجاله قصرين فيما بين سوريا والعراق، في تل برسيب "تل أحمر" وخادانو "أرسلان تاتش" وزخرفوا جدرانهما برسوم حروبه ورحلات صيده وأساطير قومه، وتأثروا فيها بعض الشيء بالأسلوب السوري٥.

لم تخل حوليات تيجلات بيليسر من ادعاء واضح في تعداد الشعوب التي أخضعها والتي قد لا يزيد أغلبها عن مدن وقبائل متفرقة، وفي تأكيد انتصاراته المستمرة، إلى جانب أن تعدد حروبه مع جماعات بعينها، مثل جماعات الأراميين، يدل ضمنًا على عدم وصوله معهم إلى نتائج حاسمة. غير أن هذه الحوليات لم تخل في الوقت نفسه من أهمية تاريخية في تصوير مناطق انتشار الأراميين بين قرقميش وتدمر وحدود بابل، ولم تخل من دلالة على خطة رسمت طريق التوسع الآشوري بعد عهده، في مناطق جنوب شرق آسيا الصغرى ولبنان وشمال سوريا، إشباعًا لشهوة المجد، وللاستفادة من أخشابها، وضمان تنفيذ موانيها التجارية لرغبات آشور، أو على الأقل لضمان تعاملها معها، وإن كان تيجلات بيليسر قد عبر عن هذا الضمان بتلقي جزاها. وكانت سياسته في معاقبة أعدائه نبراسًا متواضعًا للقسوة الآشورية حين بلغت عنفوانها، فكررت حولياته أنه حرق مدنًا وشرد أهلها وقطع رءوس زعمائها وعلقها على أسوارها، واعتبر أبناء المستسلمين له رهائن عنده.

ولم ينس تيجلات بيليسر حظه من الدنيا، فإلى جانب قصريه السابقين، ذكرت نصوصه أنه استقل سفينه من أرواد وأبحر بها مسافة طويلة، وصاد ما يسمونه فرس البحر في البحر الأعلى. وذكر ما يفهم منه أنه أمر باستيراد نباتات جديدة لتزرع في بساتينه، واستيراد قطعان من الماعز الجبلي لتطلق في ساحات الصيد والقنص المتخصصة له٦.


١ D. Luckenbli, P El: Anet. ٢٧٥..
٢ A. Dupont-Sommer, Op. Cit. ١٨..
٣ Ibid., ١٨, ٢١: D. Luckenbill, Op. Cit., ٢٨٧..
٤ ديلابورت: المرجع السابق -ص٣٠٠ - ٣٠١.
٥ F. Thureau-Dangin ... , Tel Bersip, ٤٥..
٦ ديلابورت: بلاد ما بين النهرين -ص٦٠.

<<  <   >  >>