للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يطل أمد المرحلة الثانية من العصر الآشوري الوسيط، على الرغم من بدايتها المشرقة، ويبدو أن توسعها في عهد تيجلات بيليسر الأول بخاصة، كان طفرة سابقة لأوانها، فلم تستطع الدولة أن تحافظ على أطرافها البعيدة بعد وفاته، وانفصلت ولاياتها عنها واحدة بعد الأخرى.

وهادنت آشور بابل فترة طويلة حتى تتفرغ للآراميين الذين استمروا في مناوأتها على فترات متقطعة خلال القرنين الحادي عشر والعاشر قبل الميلاد، واستمروا على إنشاء الإمارات بجوارها في شرق الفرات وغربه، فكونوا إمارة بيت أديني التي امتدت شرقًا حتى بلخ واتخذت عاصمتها في تل بارسيب على ضفة الفرات جنوبي قرقميش، وإمارتين في وادي بلح، وعدة إمارات في وادي الخابور من أهمها بيت باخياني "وكانت من مدنها جوزانا ووسيكاني". كما كونت قبائل تيمانايا الأرامية ثلاث إمارات شرقي الخابور الأعلى فيما يسمى منطقة طور عابدين وهي إمارات نصيبينا وخوريزانا وجيدارا. واحتفظت بعض روايات التوراة بذكرى هذه الإمارات القريبة من الخابور في تسمية أهلها أو أرضها "آرام النهرين"١، والنهران هما على الأغلب الفرات وفرعه الخابور، وتسمية "فدان "أوبادام" آرام"٢. وكانت أكبر مدن المنطقة التي عاصرت روايات التوراة عنها هي مدينة حران.

واتجه فريق من الآراميين جنوبًا، فانتشرت قبائل السوخي على جوانب الفرات من عنات حتى رابيقو. وانتشرت قبائل اللاكي في سهل يقع جنوبي جبل سنجار. ولم يقتصر أمر الآراميين على ذلك، وإنما اتجهت بعض قبائلهم إلى الجنوب الشرقي من دولة آشور، فانتشرت قبائل الوتواتي على شواطئ دجلة فيما بين فرعيه الزاب الأسفل والأدهم٣. ومال النصر في مراحله الأولى إلى صف جماعات الآراميين، بحيث اضطرت آشور إلى الانكماش في مناطقها الشرقية إلى حين.


١ Roger, T. O. Callaghan, Aram Naharaim, Rome, ١٩٤٨, ١٤٣.
٢ سفر التكوين ٢٥: ٢٠، ٢٨: ٣٥ Abel, Geographie ... Vol. I, ٢٤٥.
٣ A. Dupont-Sommer, Op. Cit., ٢١-٢٢.

<<  <   >  >>