وعبرت نصوص شلما نصر عن لقائه "أو لقاء قواته" مع أولئك الأحلاف بتعبيرات مسرفة ولكنها طريفة ولا بأس من الاستشهاد ببعضها كنموذج لأمثالها. فقد روت على لسانه ما يقول:" .... حينما اقتربت من حلب خالمان خشي"أهلها" الحرب وارتموا على قدمي، فتلقيت جزاهم فضة وذهبًا وضحيت أمام أداد حلب، ورجعت من حلب وبلغت مدينتي إرهوليني الحموي، فهاجمتها وهاجمت عاصمته أرجانا واستولت على جزاه وممتلكاته وحرقت قصوره، ثم واصلت المسيرة إلى قرقرة فدمرتها ومزقتها وحرقتها وكان "أميرها" قد استنجد بألفين ومائتي عجلة حربية، وألف ومائتي فارس وعشرين ألفًا من مشاة أداد إدري الأموري "الإمريشو أو الإمريشي"، وسبعمائة عربة فارس وعشرة آلاف من مشاة إرهوليني الحموي، وألفي عربة وعشرة آلاف من مشاة أخاب وأرض إسرائيل "؟ " Akha-Ab-Bu Mat Siri-La-A-A وخمسمائة جندي من قوى، وألف جندي من مصرى، ... وألف "راكب" جمل من جنديبو الأريبي "أي جندب أو جندبة العربي"، و .... ألف من بأسا بن روهوبي العموني ... ، "وكلهم" اثنا عشر ملكًا تأهبوا لملاقاتي في معركة حاسمة، فقاتلتهم بقوات آشور العظيمة التي هيأها لي مولاي آشور، وبالأسلحة التي قدمها لي مرشدي نرجال ... ، وأوقعت بهم الهزيمة بين مدينتي قرقرة وجيلزاو، وذبحت ألفًا وأربعمائة من جنودهم بالسيف، وانحططت عليهم انحطاط أداد حين يرسل عواصفه الممطرة مدرارًا، وبعثرت جثثهم "في كل مكان"، وملأت السهل كله بهم، وأجريت دماءهم ... ، وضاق السهل عن نزول أرواحهم "إلى العالم السفلي" ... ، وجعلت جثثهم معبًرا لي على نهر الأرانتو "الأورنت" ...
وهكذا أكد شلما نصر انتصاره على خصومه الأراميين وحلفائهم في موقعة قرقر حوالي عام ٨٣٣ق. م ولكن كانت هذه من المرات النادر بمحض الصدفة التي سجل الأراميون فيها وجهة نظرهم في مواجهة آشور، وقد أكدوا فيما سجلوه عنها أنهم أحرزوا فيها نصرًا كبيرًا. ولن نملك إزاء تضارب المصدرين إلا أن نفترض أن موقعة قرقرة لم تكن حاسمة أي طرف من الطرفين، لا سيما وأن الكتبة الآشوريين قد أعادوا ذكر انتصار ملكهم وتغنوا به مرارًا وتكرارًا في نقوش قصوره وعلى العمد والنصب، وذلك مما يعني تكرار حروب الأراميين معه، أو هو يعني تقديرهم الكبير لقوة الأراميين وحلفائهم واعتبار النصر عليهم، أي نصر، كسبًا كبيرًا ومجدًا عظيمًا. ويبدو أن الحلف الذي استشهدنا بروايته عن شلما نصر، لم يكن الحلف الوحيد الذي نجح الأرميون في تكوينه على الرغم من انسلاخ أخأب الإسرائيلي وقومه عنهم، فقد تحدثت النصوص الآشورية عن تحالف أداد إدري مع أمير حماة واثني عشر ملكًا نسبتهم إلى ساحل البحر حينًا، وإلى ساحل البحر الأعلى والبحر الأسفل حينًا آخر، وضمت إليهم كل ملوك خاتي مرة ثالثة، ثم جعلتهم خمسة عشر ملكًا مرة رابعة. وتبارى الكتبة الآشوريون في تضخيم أعداد قتلى خصومهم الأراميين فيما بين العام السادس والعام الرابع عشر من حكم ملكهم، فتارة هم ألف وأربعمائة، وتارة خمسة وعشرون ألفًا، وتارة عشرون ألفًا وخمسمائة، وتارة عشرون ألفًا وتسعمائة ... إلخ. وعلى أية حال فلم تهن عزيمة دمشق ومن بقي على الولاء لحلفها إلا بعد أن مزقتها الأطماع الداخلية، فاغتيل أداد إدري، وولي بعده حزائيل، وكان ذا كفاية حربية مثله، وإن كانت النصوص الآشورية قد ادعت أنه مجهول الأب.