للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشبه هيئة الجمل البارك أيضًا وإن لم يخل هذا الشكل الأخير من الشك١.

وكان لا بد لوسائل التعبير التصويرية أن تتلمس سبيلًا آخر غير سطوح الفخار وسطوح الأواني الحجرية، وقد وجد أصحابها مسطحات تناسبها على سطوح أمشاط عريضة فاخرة من العاج كانوا يزخرفون بعض رءوسها على هيئات الطيور والحيوانات ووجه الإنسان، وعلى سطوح مقابض عاجية صغيرة كانوا يثبتوت خناجرهم فيها، وعلى سطوح الصلايات الأردوازية الرقيقة، وعلى سطوح رءوس مقاطع القتال الكبيرة الفاخرة.

وعبر مهرة الفنانين عن كفايتهم في النقش على هذه السطوح، فنقس أحدهم ٢١٨ صورة دقيقة لحيوانات مختلفة في صفوف أفقية على مقبض سكين لا يتعدى عرضه سنتيمترات قليلة٢. ونقش آخر صورة فيل يطأ ثعبانًا ضخمًا ضمن مجموعة من الحيوانات، فأظهر تفاصيل جسده في دقة بالغة وحيوية فياضة على الرغم من صغر مساحة السطح الذي نقش صورته عليه٣. ومن أمتع ما نقشه الفنان النقادي على سطوح الصلايات صورة ظبيين متقابلين يتناجيان، صورهما في حيوية فريدة وخطوط متمكنة بسيطة٤. ثم صورة صائد يتعقب ثلاث نعامات، وقد تقنع بقناع يشبه رأس النعام ليضللها أو يطمئنها، وأمسك عصا بيسراه وسارت النعامات أمامه في غير خوف وكأنه يرعاها. وصور صانع هذه الصلاية أشكاله في غير تفصيل كبير ولا إتقان كبير، ولكنه أزال طبقة من الأرضيات التي تتخللها فبدت هيئاتها ممتلئة بارزة واضحة، وطعم عيونها بأصداف صغيرة، وشكل حافة الصلاية فوقها على هيئة طائر عظيم مرتفع الجناح واضح الريش وطعم عينيه وريشه بأصداف صغيرة أخرى٥.

واستمر الفنانون يعتبرون عالم الحيوانات والنباتات مجالًا خصبًا للتعبير عن أفكار عصرهم وأحداثه وخيلاته وأذواقه. فكرروا نقش صور النخيل والظراف على الصلايات٦، وتفننوا في تصوير آكلات اللحوم بشراستها وبطشها، وتصوير آكلات العشب في مرحها وفي حالات فزعها وضعف حيلتها٧. ثم أضافوا


١ لم يستخدم المصريون الإبل إلا في أواخر عصورهم القديمة، وربما في أوائل العصور البطلمية، ولكنهم كانوا على معرفة بهيئاتها لاحتكاكهم بجيرانهم البدو، ووجدت الآنية المشار إليها في أبو صير الملق، وصعنت من الحجري الجيري، ويرى شارف أن صانعها قلد بها هيئة الجمل عن نموذج سوري " Abusir, Taf. Xxiv,٢٠٩" ولكن جلانفيل لاحظ أن هيئة الجمل لم تظهر في الفن السوري إلا في القرن الحادي عشر ق. م، أي عبد العهد النقادي بآلاف السنين " Op.Cit" ولهذا يصعب تخمين الأصل الذي استوحاه المصري. ووجدت رأس من الفخار الملون في المعادي تشبه رأس الجمل إلى حد ما " Maadi, Pl. Xx, ٢-٣" وجمع شارف ١٤ حالة لتمثيل هيئة الجمل في الفن المصري القديم، وأرجع إحداها إلى عصر الأسرة السادسة، وثلاثة على الدولة الحديثة، وأرجع بقيتها إلى العصور المتأخرة " Cp. Cit., ٤٠-٤١"، وأضاف فاندييه إليها مثلًا آخر من عصر الأسرة الثانية عشرة " Cp. Cit., ٣١٤, N. ٣".
٢ G. Benedite, Jea, V, Pl. Xxxiv.
٣ Ibid., P. ٣ F., Pl, I, Also Pl. Xxxiii.
٤ Petrie, Preh. Egypt, Pl. Xliii, ٢.
٥ W.M. Cormpton, Jea, V, ٥٧ F., Pl. Viii.
٦ Benedite In Monuments Piot, Pl. Xi; Scharff, Altertumer, Ii, ٧٤ F., ٧٦, Abb. Xxii, ٥٤, ١٠٧.
٧ Legge, “The Carved Slates...”, P.S.B.A., Xxii, Pl. Iii; Benedite, Op. Cit., Figs. ٣-٤, Pl. Xi.

<<  <   >  >>