للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تكن مجرد رموز عشوائية، وإنما كانت علامات كتابية تخطيطية بدأت شخصية ثم شاع بعضها وأصبح أداة خطية من أدوات التفاهم بين الناس. وظهرت٣٠ علامة من هذه العلامات فيما يرى بترى، خلال عهد نقادة الأول، ثم اختفت ست منها في عهد نقادة الثاني وحلت محلها ١٤ علامة جديدة. وعلى حين استخدم بعض أهل نقادة هذه العلامات التخطيطية في تفاهمهم الكتابي، اتجه بعضهم الآخر إلى التعبير عن أغراضه برسوم تصويرية مثل صورة الشمس وهيئة الذراعين المرفوعتين إلى أعلى وهيئة التلال الثلاثة المتجاورة، واستمرت صورهم الكتابية هذه في طريقها حتى طغت على العلامات التخطيطية وأصحبت أكثر قبولًا عنها وأكثر شيوعًا منها، ثم جدت عليها علامات هجائية قليلة منذ أواخر حضارة نقادة الثانية، وورثتهما العصور التاريخية فيما ورثته من تراث العصور السابقة لها. وأضاف بترى أن العلامات التخطيطية لم تختف تمامًا على الرغم من انزوائها، وإنما اقتصر استعمالها على بعض الطبقات العادية وبلغ عددها خلال عصر الأسرة الأولى ٥٣ علامة، واستمرت في هذه الطبقات فيما يعتقد حتى الدولة الوسطى على أقل تقدير، وظهرت معها في تخطيطات عصر الأسرة الثانية عشرة ثلاث علامات جديدة، وكتب بها رجال المناجم في شبه جزيرة سيناء ثم فارقت هذه العلامات موطنها المصري، واحتضنها الكنعانيون الذين تعلموها شيئًا فشيئًا من نصوص سيناء وتعلموا معها النظرية المصرية في استخدام شكل معين للتعبير عن أول حرف هجائي من اسمه، ثم خرجوا مما تعلموه باثنتين وعشرين علامة هجائية كتبوا بها نصوصهم وتعلمها عنهم أهل جنوب شبه الجزيرة العربية، كما اقتبس بعضها منهم قدماء الإغريق وزودوا بها كتابتهم المقطعية القديمة١.

وكشفت حفائر المحاسنة عن لوحة من الطين استخدمها صاحبها للعب الدامة "أو السيجة". وقسم سطحها إلى ثلاثة صفوف، وقسم كل صف إلى ستة مربعات، ووضعها فوق قوائم طينية منفصلة٢. وأضاف بترى إلى هذه الوسيلة المتواضعة للتسلية، قوائم مستطيلة صغيرة وجدها في المقابر وصنعها أصحابها من الكوارتز والألباستر والسماق والعقيق الأحمر والحجر الجيري، وعددًا من الكرات الحجرية الصغيرة "تشبه البلي" وقطعًا حجرية صغيرة شكلت على هيئة الأواني المصمتة "وتشبه قطع الشطرنج"، واعتبرها جميعها تؤلف لعبة راقية تنصب فيها ثلاثة قوائم على هيئة البوابة وترص القطع الصغيرة التي تشبه الأواني وراءها، ثم يرمي اللاعب بالكرات من أمام البوابة الصغيرة ليسقط عددًا من الأواني في المرة الواحدة٣. ولا تخلو هذه الصورة التي رسمها بترى لأذواق أهل نقادة ووسائل تسليتهم من شك كبير، لولا أن يبدو أنه ما من سبيل لتخمين الغرض منها على غير النحو الذي تخيله لها.

وتنوعت أساليب مقابر نقادة الثانية كما تنوعت أساليب بيوتها. فظلت المقابر العادية على حالها القديم لا تعدو حفرة العمق بيضية أو دائرية أو شبه مستطيلة. بينما سلك التطور سبيلًا آخر في المقابر الثرية.


١ Sec, Petric, The Wisdom Of Egyptions, London, ١٩٤٠, ٤lf.; Also, J. Capait, Les Debuts ..... ١٣٥ F.; A. H. Gardiner, Jea, Iii, I F. Cowely, Jea, Iii, ١٧ F.
٢ El – Mahasma, Pl. Xviii, ١.
٣ Petrie. Preh. Eg., ٣٢; Ballas, Pl. Viii, P. ١٤, ١٩, ٢٠.

<<  <   >  >>