للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا حسرة نشأت بين الضلوع جوىّ ... ما ضرّ لاعجها أن لا يكون ردا

في ذمّة الله قبر ما مررت به ... إلاّ اختبلت أسى أن لم أمت كمدا

أودى الزمان وكيف أسطاعه بفتى ... قد طال ما راح في اتباعه وغدا

ملأ القلوب جلالا والعيون سنا ... والحرب باسا وأكناف الندّي ندا

من لا يقدّم في العلى قدما ... ولا يمدّ لغير المكرمات يدا

كأنّه كان ثأراً بات يطلبه ... حتى رأه فلم يعدل به أحدا

يا يوم منعى عبيد الله أتى أسى ... بين الجوانح يأبى أن يجيب ندا

وأيّ غرب مصاب لا يكفكفه ... دمعي الهتون ولا أنفاسي الصعدا

ولا البلابل من مثنى وواحدة ... باتت تسلّ سيوفا أو تسنّ مدا

ولا الهموم وقد أعيت طوارقها ... كأنّما بتن لي أو للدجا رصدا

قل للدجى وقد التفّت غياها ... فلو تصوّب فيها الماء ما أطرّدا

أنّ الشهاب الذي كنّا نجوب به ... أحوازها قد خبا في الترب أو خمدا

لهّفي ولهف المعالي جاربي وبها ... صرف الردي وأرانا أيّة قصدا

يا صاحبَّي ولا يحبسكما ضمأ ... طال الحيام وهذي ادمعي فردا

أجدّها قد عداها بعد أوبته ... عن أن تهيم بذكراه أو تجدا

وحدّثاني عن العليا وقد رزيت ... مسنونها اللدن أو مصقولها الفردا

أه لها وترته ثمّ قد علمت ... أن لا تنال به عقلا ولا قودا

هل نافع والأماني كلّها خدع ... قول له اليوم لا تبعد وقد بعدا

وهل تذممّ هذا الرزء من قلق ... قام المصاب به أضعاف ما قعدا

أما يوم عبيد الله وهواسى ... لقد تخير هذا الموت وانتقد

يا ماجدا أنجز العلياء موعده ... اليوم انجزفيك الموت ما وعدا

أنّ الفؤاد الذي مازلت تعمره ... قد ريع بعدك حتّى صار مفتادا

سل المنايا على علم وتجربة ... في أيّ شيء بغى الإنسان أو حسدا

تنافس الناس في الدنيا وقد علموا ... أن سوف تقتلهم لذّاتها بددا

تبادروها وقد أذتهم فشلا ... وكاثروها وقد أحصتهمُ عددا

قل للمحدّث عن لقمانَ أو لبد ... لم يترك الموت لقماناً ولا لبدا

ولا الذي همه البتيان يرفعه ... أن الردى لم يغادر في الشَّرى أسدا

<<  <   >  >>