للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربّما كنتُ أسمو للخليج به ... وفي الخليج لأهل الراح راحاتُ

وبالغرسات لاجفّت منابتها ... من النعيم غروسات جنّياتُ

معاهدٌ ليت أنّي قبل فرقتها ... قدمتّ والتاركوها ليتهم ماتوا

فجئت منها بإخوان ذوي ثقة ... والأرض فيها من الإخوان آفاتُ

وافيت في آخر الصحراء طائفة ... لغاتهم في كتاب الله لغاتُ

رغد من العيش مالي ارتقبه ولي ... عند ابن أغلب أكناف بسيطاتُ

إن لم يكن عنده كوني فلا سعة ... للرزق عندي ولا للأنس ساعاتُ

هو المراد ولكن دونه خلج ... رخاوة عندها بيض معلاتُ

وإن تكن رجس من فوق مذهبه ... فليس تغرب في وجهي الملماتُ

هناك أوي من النعمى إلى كنف ... فيه ظلال وأموه وجنّاتُ

بين الحصار وبين المرتضى عمر ... ذاك الحصار من المحذور منجاةُ

هل يذكر المسجد المعمور شرجيه ... أو للعهود على الذكرى قديماتُ

عندي رسالاتُ شوق عنده فعسى ... مع الرياح توافيه رسالاتُ

ولم تزل كبده تتوقد بالزفرات، وخلله يتردد بين النكبات والعثرات، ونفسه تتقسم بالأشجان والحسرات، إلى أن شفته منيته، وجاءته بها أمنيته، فدفن باغمات، وأريح من تلك الأزمات، وعطلت المآثر من حلاها، وأفرزت المفاخر من علاها، ورفعت المفاخر من علاها، ورفعت مكارم الأخلاق، وكسدت نفائس الأعلاق، وصار أمره عبرة في عصره، وصاب أبداً عبرة في مصره، وبعد أيام وافاه أبو بكر بن عبد الصمد شاعره المتصل به، المتوصل إلى المنى بسببه، فلما كان يوم العيد وانتشر الناس ضحى، وظهر كل متوار وضحى، قام على قبره عند انفصالهم من مصلاهم، واختيالهم بزينتهم زحلاهم، وقال بعد أن طاف بقبره والتزمه، وخر على تربه ولثمه: كامل

ملك الملوك أسامع فأنادي ... أم قد عدتك عن السماع عوادِ

لما خلت منك القصور ولم تكن ... فيها كما قد كنت في الأعيادِ

أقبلت في هذا الثرى لك خاضعاً ... وتخذت قبرك موضع الإنشادِ

قد كنت أحسب أن تبدّد أدمعي ... نيران حزن أضرمت بفؤادي

فغذا بدمعي كلّما أجريته ... زادت عليَّ حرارة الأكبادِ

<<  <   >  >>