للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما منهمُ إلاَّ إليك انتماؤه ... جبينك والجود المتمّم والبشرُ

خلا منك دهر قد مضى بعبوسه ... فلمَّا أتت أيَّامك ابتسم العصرُ

فبشرت أمالي بملك هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهرُ

وقاك الردى من يبتغي عندك المنى ... وساعدك الأسعاد واليمن والنصرُ

فراجعه بقوله: طويل

إليك فلولا أنت أم ينظم الدرُّ ... ولا التام في مدح نظام ولا نثرُ

إذا قلتَ لم يتطلق فصيح مدرّب ... ولا ساغ في سمع غناءُ ولا زمرُ

لك السبق كم روّضت من عاطل الربى ... وحلّلت من سحر وقد حرم السحرُ

ولمَّا ملكت القول قسراً وعنوة ... أطاعك جيش النظم وائتمر النثرُ

فلا نقل غلاَّ ما تقول بديهة ... ولا خمر ما لم تأتِ من فمك الخمرُ

ثم توجه فيه إلى روضة قد أرجت نفحاتها، وتدبجت ساحاتها، وتفتحت كمامها، وأفصحت حمامها، وتجردت جداولها كالبواتر، ورمقت أزهارها بعيون فواتر، فأقاموا يعملون كاسهم، ويشملون إيناسهم، فقال ذو الرياستين: طويل

وروض كساه الطلُّ وشياً مجدداً ... فأضحى مقيماً للنفوس ومقعداً

إذا صافحته الريح خلت غصونه ... رواقص في خضر من العصف ميَّداً

إذا ما انسكاب الماءِ عاينت خلته ... وقد كسرته راحة ريح مبرداً

وإن سكنت عنه حسبت صفاءه ... حساماً صقيلاً صافي المتن جرّداً

وغنَّت به ورق الحمائم بيننا ... غناءَ ينسّيك القريض ومعبداً

فلا تجفونَّ الدهر مادام مسعدا ... ومدَّ إلى ما قد حباك به يدا

وخذها مداماً من غزال كأنَّه ... إذا ما سقى بدر تحمَّل فرقدا

وركب متصيداً في يوم غيم نضح رذاذه وجه الثرى، وتلفعت الشمس بمطرفه فلا ترى، والأرض لا تثبت حوافز الخيل في زلقها، ولا نهش الجياد إلى طلقها، والأفق لو مرت به دهمة الليل لغابت في نوه، وما بانت في جوه، والمدام قد علته، وأراؤها قد تولته، فقام بين يديه قنص فطارده في ميدان الجد لاهياً، وسايره في طريق الحذر ساهياً، وقد تفرد من عبيده، وتوحد في بيده، فسقط به فرسه سقطة أوهنت قواه، وانتهت به إلى ملازمة مثواه، وبلغه أن أحد عداته شمت بوقعته، وسر بصرعته، فقال: بسيط

<<  <   >  >>