للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّي سقطت ولا جبن ولا خور ... وليس يدفع ما قد شاءه القدر

لا يشمتنَّ حسودي أن سقطت فقد ... يكبو الجواد وينبو الصارم الذكرُ

هذا الكسوف يرى تأثيره أبداً ... ولا يعاب به شمس ولا قمرُ

وأخبرني الكاتب أبو عبد الله ابن خلصة أنه لما دخل بيطرة بتخلي أبي عيسى ابن لبون عنها أنشدته طائفة من الشعراء والكتاب فحوم ووصل وأدنى قوماً وأبعد آخرين، وأصاخ من وزيره إلى اسوأ قرين، فأشار في جانب أبي عيسى بإخلال، وأصار عزته في قبضة الإخمال والإذلال، فتفرق القوم فرقاً، وسلكوا من التشغيب عليه طرقاً، وتشوفوا إلى المستعين، وأنفوا من الورود على غير عذب ولا معين، وكان في الجملة المنحرفة، والفئة المتطلعة إلى ابن هود المستشرفة، الكاتب أبو الحسن ابن سابق فقال: بسيط

من كان يطلب من أصحابنا صلةٌ ... على فراق أبي عيسى ابن لبُّونِ

فليس يقنعني من بعده عوض ... ولو جعلت على أموال قارونِ

قد كان كنزي فطفَّ الدهر عنه يدي ... والدهر يمتع بالنعمى إلى حينِ

كأنَّ قلبي إذا ذكّرت فرقته ... مقلَّب فوق أطراف الساكينِ

فلما سمعه ابن رزين قال مطفئاً للوعته، ونازعاً كنزعته، نوعاً من السياسة سكن بها أنفه، وأعاد عليه الأهواء مؤتلفه: بسيط

هبوا لنا حظّكم من آل لبُّون ... كم تبخلون علينا بالرياحينِ

لا تعذلونا فحقّا إن ننافسكم ... في أكرم الناس للدنيا وللدينِ

ذاك الكريم الذي نيطت تمائمه ... عند الفطام على علم ابن سيرينِ

اختارنا فتخيّرناه صاحبنا ... وكلّنا في أخيه غير مغبونِ

إن كان أنشر ذكري في بلادكمُ ... لأنش رنَّ له يحيى بن ذي النونِ

وكلُّ من حوله حاظ بحظوته ... يشجي الحسود بترفيع وتمكينِ

حتىّ تقول الليالي وهي صادقة ... هذا السموءَل في هذي السلاطينِ

وخاطب ابن طاهر مستدعياً إلى الكون لديه برسالة ندل على أنافته في الفخر، دلالة النسيم على الزهر، والشاطئ على النهر، وتشهد له بالعلاء والمجد، شهادة النار بطيب الند، وكرم الزند، فإنه استدعاه والأذان قد صممت عن دعائه، وحكمه في ملكه والكل قد ضن عليه بما في وعائه، وهي.. أنت أدام الله عزك عالم

<<  <   >  >>