للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالزمان وانقلابه، عارف بإعارته واستلابه، ومن عرفه حق معرفته لم تزده شدته إلا معتبراً، وشكر الله وتدبراً، وما زلت ألقاك بالود، على البعد، فأعلمك بتقدمك في الأعيان، وإن لم أرك بالعيان، واستخبر الأخبار فاسمع، ما يقرع صفاة الكبد ويصدع، بأنحاء الزمان عليك، تنكره لديك، إلى أن ورد فلان فاستفهمته عن حالك فذكر، ما أزعج وكدر، ارتماضاً لمثلك أن يعوزه مرام، أو ينبو به مقام، فجردت عن ساعد الشفاعة عند القائد الأجل أبي عبد الله في صرف مات يمكن من أملاكك فوقع الاعتذار بأنه أمر محظور، تقدم فيه حد محذور، وأشار بإجراء ما يلم بالاكتفاء وأنا أعزك الله أعرض ما هو الأوفق ليث، والأليق بي، عن عزيمة مكينة، ورغبة وكيدة، من الانتقال إلى جهتي، والانبساط في دولتي، فأقاسمك خاص ضياعي ومعلوم أملاكي وإن شق عليك الكون بجهتي لبرد هوائها، وبعد أنهائها، فهاهي شنت مريه أقف طاعتها عليك، وأصرف أمرها إليك، وعندي من العون على الارتحال، ما يقتضيه لك رفيع الحال، ولك الفضل في مراجعتي بما يستقر عليه رأيك، ويأتي به أنحاؤك، إن شاء الله تعالى.. وله يتشوق إلى خليط ودعه، وأجرى بعده أدمعه: طويل

دع الدمع يفني الجفن ليلة ودّعوا ... إذا انقلبوا بالقلب لا كان مدمعُ

سروا كاقتداء الطير لا الصبر بعدهم ... جميل ولا طول الندامة ينفعُ

أضيق بحمل الحادثات من النوى ... وصدري من الأرض البسيطة أوسعُ

وإن كنت خلاّع العذار فغنّني ... لبست من العلياءِ ما ليس يخلعُ

إذا سلَّت الألحاط سيفاً خشيته ... وفي الحرب لا أخشى ولا أتوقَّعُ

وأخبرني الوزير أبو عامر ابن سنون، أنه كان معه في منية العيون، في يوم مطرز الأديم، ومجلس معزز النديم، والأنس يغازلهم من كل ثنية، ويواصلهم بكل أمنية، فسكر أحد الحاضرين سكراً مثل له ميدان الحرب، وسهل عليه مستوعر الطعن والضرب، فقلب مجالس الأنس حرباً وقتالاً، وطلب الطعن وحده والنزالا، فقال ذو الرياستين: كامل

نفس الذليل تعزُّ بالجريالِ ... فيقاتل الأقران دون قتالِ

كم من جبان ذي افتخار باطلٍ ... بالخمر تحسبه من الأبطالِ

كبش الندى تخمُّطا وعرامة ... وإذا تشبُّ الحرب شاة نزالِ

<<  <   >  >>