على أنني أدري بأنك موثر ... على كل حال ما يزخر من كربي
أهابك للحق الذي لك في دمي ... وأرجوك للحب الذي لك في قلبي
حنانيك فيمن أنت شاهد نصحه ... وليس له غير انتصاحك من حسب
وما جئت شيئاً فيه بغي لطالب ... يضاف به رأي إلى العجز والعجب
سوى أنني أسلمتني لملمة ... فللت بها حدي وكسرت من غربي
وما أغرب الأيام فيما قضت به ... تريني بعدي عنك أنس من قربي
أما أنه لولا عوارفك التي ... جرت جريان الماء في الغصن الرطب
لما سمت نفسي ما أسوم من الأذى ... ولا قلت أن الذنب فيما جرى ذنبي
سأستمنح الرحمى لديك ضراعة ... واسأل سقيا من تجاوزك العذب
فإن نفحتني من سمائك حرجف ... سأهتف يا برد النسيم على قلبي
فرق له المعتمد وأشفق، وأقشع نوء حقده عليه وأخفق، وعزم على الصفح عنه التجاوز، وأن يرفع بالأعضاء له تلك المعاوز، فكتب إليه مراجعا: طويل
لدي لك العتبي تزاح من العتب ... وسعيك عندي لا يضاف إلى ذنب
وأعزز علينا أن تصيبك وحشة ... وأنسك ما تدريه فيك من الحب
فدع عنك سوء الظن بي وتعده ... إلى غيره فهو الممكن في القلب
قريضك قد أبدى توحش جانب ... فراجعت تانيسا وحسبك بي حسب
تكلفته أبغي به لك سلوة ... وكيف يعاني الشعر مشترك اللب
فما أورثته هذه المراجعة إلا نفارا، ولا زادت قلبه من الثقة به إلا خلوا وإقفارا، فإنه لما قبحت فعلاته، وحنظلت نخلاته، لم يزل سوء الظن يقتاده، ويصدق توهمه الذي يعتاده، فلذلك لم يقبل ما رجعه به من رفع إيحاش، ولا أمن عاقبة ما عامله من قبح وأفحاش، فكر إلى سرقسطة لاحقاً بالمؤتمن، وسائقاً له الدنيا بأيسر ثمن، وإنما كان يطلب ملكا يخلع ملكه على عطفيه، ويجعله كحنين وخفيه، أو يختدعه في إعانته على بلد يفتحه باسمه، ويجربه على سنن المعتمد ورسمه، فيتم المؤتمن بشقورة وأغراه، وأراه من تيسر مرامها، ما أراه، فأوطأ عقبه، وأعطاه مالا احتقبه، ونهض وهو لا يشك في النزول بها والاحتلال، ولا يتوهم أن يلم بالأمر طائف اعتلال، فأيقظ لها عزمه، وأقام حزمه، فلما وصل إليها عرس بصفحتها، وأيقن بفتحها، وخلع على من معه، ووصل من عاينه أو