(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ أَوْ عَادَ بَعْدَ شُرُوعِهِ (لَا) يَسْقُطُ الدَّمُ (كَمَكِّيٍّ يُرِيدُ الْحَجَّ وَمُتَمَتِّعٍ فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ) وَصَارَ مَكِّيًّا (وَخَرَجَا مِنْ الْحَرَمِ وَأَحْرَمَا بِالْحَجِّ) مِنْ الْحِلِّ، فَإِنَّ عَلَيْهَا دَمًا لِمُجَاوَزَةِ مِيقَاتِ الْمَكِّيِّ بِلَا إحْرَامٍ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَا بِعُمْرَةٍ مِنْ الْحَرَمِ وَبِالْعَوْدِ كَمَا مَرَّ يَسْقُطُ الدَّمُ
(دَخَلَ كُوفِيٌّ) أَيْ آفَاقِيٌّ (الْبُسْتَانَ) أَيْ مَكَانًا مِنْ الْحِلِّ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ (لِحَاجَةٍ) قَصَدَهَا
ــ
[رد المحتار]
لَا يَعُودُ وَيَمْضِي فِي إحْرَامِهِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ وَالْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَاجِبٌ وَتَرْكُ الْوَاجِبِ أَهْوَنُ مِنْ تَرْكِ الْفَرْضِ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ الْفَوْتَ يَجِبُ الْعَوْدُ كَمَا قُلْنَا لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ، وَأَنَّهُ إذَا خَافَهُ يَجِبُ عَدَمُ الْعَوْدِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ النَّهْرِ وَمَتَى خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ لَوْ عَادَ فَالْأَفْضَلُ عَدَمُهُ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ عَوْدُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.
هَذَا وَفِي الْبَحْرِ: وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ: أَيْ مِمَّا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِي الْعُمْرَةِ وَأَنَّهُ يَعُودُ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ أَصْلًا. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى الْفَوَاتِ وَإِلَّا فَقَدْ يَحْصُلُ مَانِعٌ مِنْ الْعَوْدِ غَيْرَ الْفَوَاتِ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَيَسْقُطُ وُجُوبُ الْعَوْدِ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَوْ عَادَ بَعْدَ شُرُوعِهِ) بَقِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ قَبْلَ شُرُوعِهِ وَلَمْ يُلَبِّ عِنْدَ الْمِيقَاتِ ح (قَوْلُهُ كَمَكِّيٍّ يُرِيدُ الْحَجَّ إلَخْ) أَمَّا لَوْ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ لِحَاجَةٍ فَأَحْرَمَ مِنْهُ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ كَالْآفَاقِيِّ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَاصِدًا الْبُسْتَانَ ثُمَّ أَحْرَمَ مِنْهُ، وَلَمْ أَرَ تَقْيِيدَ مَسْأَلَةِ الْمُتَمَتِّعِ بِمَا إذَا خَرَجَ عَلَى قَصْدِ الْحَجِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ بِهِ؛ وَأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَالْمَكِّيِّ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَصَارَ مَكِّيًّا) لِأَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى مَكَان عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ أَهْلِهِ، وَهُنَا لَمَّا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ وَفَرَغَ مِنْهَا صَارَ فِي حُكْمِ الْمَكِّيِّ سَوَاءٌ سَاقَ الْهَدْيَ أَمْ لَا، فَإِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فَمِيقَاتُهُ الْحَرَمُ أَوْ الْعُمْرَةُ فَالْحِلُّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْحِلِّيِّ، وَهُوَ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ فَإِنَّ مِيقَاتَهُ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ الْحِلُّ، فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ دَمٌ إلَّا أَنْ يَعُودَ كَمَا مَرَّ عَنْ ح وَصَرَّحَ بِهِ هُنَاكَ فِي النَّهْرِ وَاللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَا) أَيْ الْمَكِّيُّ وَالْمُتَمَتِّعُ الَّذِي فِي حُكْمِهِ، فَإِنَّ مِيقَاتَ الْمَكِّيِّ لِلْعُمْرَةِ الْحِلُّ (قَوْلُهُ وَبِالْعَوْدِ) أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ الذَّهَابِ إلَى الْمِيقَاتِ الْوَاجِبِ لِيَشْمَلَ قَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَا بِعُمْرَةٍ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ خُرُوجُهُمَا إلَى الْحِلِّ لِيَسْقُطَ الدَّمُ؛ وَلَيْسَ فِيهِ عَوْدٌ إلَيْهِ بَعْدَ الْكَيْنُونَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ عَوْدًا مُمَاثِلًا لِمَا مَرَّ فِي الْآفَاقِيِّ بِأَنْ يَعُودَ إلَى الْمِيقَاتِ ثُمَّ يُحْرِمَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَحْرَمَ، وَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي نُسُكٍ يَعُودُ إلَيْهِ وَيُلَبِّي.
(قَوْلُهُ أَيْ آفَاقِيٌّ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُوفِيِّ كُلُّ مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمَوَاقِيتِ (قَوْلُهُ الْبُسْتَانَ) أَيْ بُسْتَانَ بَنِي عَامِرٍ: وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْآنَ نَخْلَةَ مَحْمُودِ بْنِ كَمَالٍ. زَادَ غَيْرُهُ أَنَّ مِنْهُ إلَى مَكَّةَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِيلًا. قَالَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ: قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذِهِ الْقَرْيَةُ عَلَى يَسَارِ مُسْتَقْبِلِ الْكَعْبَةِ إذَا وَقَفَ بِأَرْضِ عَرَفَاتٍ. وَفِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ: بِالْقُرْبِ مِنْ جَبَلِ عَرَفَاتٍ عَلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِ وَالْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ مَكَانًا مِنْ الْحِلِّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبُسْتَانَ غَيْرُ قَيْدٍ؛ وَأَنَّ الْمُرَادَ مَكَانٌ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ مِنْ الْحِلِّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْرَطُ أَنْ يَقْصِدَ مَكَانًا مُعَيَّنًا لِأَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ قَصْدِ دُخُولِ الْحَرَمِ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ؛ فَأَيُّ مَكَان قَصَدَهُ مِنْ دَاخِلِ الْمَوَاقِيتِ حَصَلَ الْمُرَادُ كَمَا سَيَتَّضِحُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِحَاجَةٍ) كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَان مِنْ الْحِلِّ لِمُجَرَّدِ الْمُرُورِ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا مُحْرِمًا فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ، وَإِلَّا فَكُلُّ آفَاقِيٍّ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دُخُولِ مَكَان فِي الْحِلِّ.
عَلَى أَنَّهُ فِي الْبَحْرِ جَعَلَ الشَّرْطَ قَصْدَهُ الْحِلَّ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ: أَيْ لِيَكُونَ سَفَرُهُ لِأَجْلِهِ لَا لِدُخُولِ الْحَرَمِ كَمَا يَأْتِي، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي شَرْحِهِ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ لِحَاجَةٍ لَهُ بِالْبُسْتَانِ لَا لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ فَافْهَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute