وَلَوْ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ عَلَى مَا مَرَّ، وَنِيَّةُ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عَلَى الْمَذْهَبِ (لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَوَقْتُهُ الْبُسْتَانُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِأَهْلِهِ كَمَا مَرَّ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ لِآفَاقِيٍّ يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ) الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِقَصْدِهَا أَيْ وَلَوْ كَانَ قَصَدَ الْحَاجَةَ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ إرَادَتِهِ دُخُولَ الْبُسْتَانِ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، أَمَّا بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الْحَاجَةِ لِكَوْنِهِ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ كَانَ قَاصِدًا مَكَّةَ فَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ مَا لَمْ يَرْجِعْ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ دُخُولَ الْبُسْتَانِ لِحَاجَةٍ قَبْلَ الْمُجَاوَزَةِ فَهُوَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى وَإِنْ قَصَدَهُ لِذَلِكَ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ غَيْرُ شَرْطٍ، خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ ذِكْرِهِ إنَّ ذَلِكَ حِيلَةٌ لِآفَاقِيٍّ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ، وَلَمْ أَرَ أَنَّ هَذَا الْقَصْدَ لَا بُدَّ مِنْهُ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ أَوَّلًا. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ هُوَ الْأَوَّلُ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْآفَاقِيَّ يُرِيدُ دُخُولَ الْحِلِّ الَّذِي بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَالْحَرَمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَافِيًا فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَصْدِ مَكَان مَخْصُوصٍ مِنْ الْحِلِّ الدَّاخِلِ الْمِيقَاتَ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ لِأَجْلِ دُخُولِ الْحِلِّ وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْمُجَاوَزَةُ بِلَا إحْرَامٍ. قَالَ فِي النَّهْرِ: الظَّاهِرُ أَنَّ وُجُودَ ذَلِكَ الْقَصْدِ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ كَافٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْبَدَائِعِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ حُكْمَ الْمُجَاوَزَةِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ قَالَ: هَذَا إذَا جَاوَزَ أَحَدٌ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ الْخَمْسَةَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ أَوْ دُخُولَ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بُسْتَانَ بَنِي عَامِرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحَاجَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ فَاعْتُبِرَ الْإِرَادَةُ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ كَمَا تَرَى اهـ أَيْ إرَادَةُ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ وَإرَادَةُ دُخُولِ الْبُسْتَانِ، فَالْإِرَادَةُ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِيهِمَا. وَلِذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ. وَقَوْلُ الْبَحْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَصْدِ مَكَان مَخْصُوصٍ مِنْ الْحِلِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ الشَّرْطُ قَصْدُ الْحِلِّ فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ ظَاهِرُ مَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ إنَّهُ إنْ نَوَى إقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي الْبُسْتَانِ فَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وَإِلَّا فَلَا ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ) أَيْ إذَا أَرَادَ دُخُولَ الْبُسْتَانِ لِحَاجَةٍ لَا لِدُخُولِ مَكَّةَ ثُمَّ بَدَا لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ لَهُ دُخُولُهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ كَمَا فِي شَرْحِ ابْنِ الشَّلَبِيِّ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ. قَالَ فِي الْكَافِي لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْرَامِ عِنْدَ الْمِيقَاتِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ دُخُولَهَا، وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْبُسْتَانَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ التَّعْظِيمَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِقَصْدِ دُخُولِهِ. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا إذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ غَيْرِ النُّسُكِ وَإِلَّا فَلَا يُجَاوِزُ مِيقَاتَهُ إلَّا بِإِحْرَامٍ، وَلِذَا قَالَ قُبَيْلَ فَصْلِ الْإِحْرَامِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوَاقِيتِ: وَحَلَّ لِأَهْلِ دَاخِلِهَا دُخُولُ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ مَا لَمْ يُرِدْ نُسُكًا (قَوْلُهُ وَوَقْتُهُ الْبُسْتَانُ) أَيْ لَوْ أَرَادَ النُّسُكَ فَمِيقَاتُهُ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ الْبُسْتَانُ، يَعْنِي جَمِيعَ الْحِلِّ الَّذِي بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَالْحَرَمِ كَمَا مَرَّ فِي بَحْثِ الْمَوَاقِيتِ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ لَزِمَهُ دَمٌ مَا لَمْ يَعُدْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ النَّهْرِ وَاللُّبَابِ، إلَّا إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَرَادَ النُّسُكَ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ صَارَ مَكِّيًّا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَوَقْتُهُ الْبُسْتَانُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ فَصْلِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ قَالَ: أَمَّا لَوْ قَصَدَ مَوْضِعًا مِنْ الْحِلِّ كَخَلِيصٍ وَحِدَةٍ حَلَّ لَهُ مُجَاوَزَتُهُ بِلَا إحْرَامٍ، فَإِذَا حَلَّ بِهِ الْتَحَقَ بِأَهْلِهِ. فَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ (قَوْلُهُ هَذِهِ حِيلَةٌ لِآفَاقِيٍّ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ. ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ مُشْكِلَةٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَان فِي الْحِلِّ لِحَاجَةٍ، وَإِلَّا فَكُلُّ آفَاقِيٍّ يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ لَا بُدَّ أَنْ يُرِيدَ دُخُولَ الْحِلِّ وَقَدَّمْنَا أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْحَاجَةِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ وَإِنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهَا بِلَا إحْرَامٍ إذَا بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ دُخُولُهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ ابْنِ الشَّلَبِيِّ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute