كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ: وَفِي غَيْرِ الْخَمْرِ يُشْتَرَطُ الْإِدْمَانُ لِأَنَّ شُرْبَهُ صَغِيرَةٌ، وَإِنَّمَا قَالَ (عَلَى اللَّهْوِ) لِيُخْرِجَ الشُّرْبَ لِلتَّدَاوِي فَلَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ كَمَالٍ (وَمَنْ يَلْعَبُ بِالصِّبْيَانِ) لِعَدَمِ مُرُوءَتِهِ وَكَذِبِهِ غَالِبًا كَافِي (وَالطُّيُورِ) إلَّا إذَا أَمْسَكَهَا لِلِاسْتِئْنَاسِ فَيُبَاحُ إلَّا أَنْ يَجُرَّ حَمَامَ غَيْرِهِ فَلَا لِأَكْلِهِ لِلْحَرَامِ عَيْنِيٌّ وَعِنَايَةٌ (وَالطُّنْبُورِ) وَكُلُّ لَهْوٍ شَنِيعٍ بَيْنَ النَّاسِ كَالطَّنَابِيرِ وَالْمَزَامِيرِ، وَإِنْ يَكُنْ شَنِيعًا نَحْوَ الْحُدَاءِ وَضَرْبِ الْقَصَبِ فَلَا إلَّا إذَا فَحُشَ بِأَنْ يَرْقُصُوا بِهِ خَانِيَّةٌ لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْكَبَائِرِ بَحْرٌ.
(وَمَنْ يُغَنِّي لِلنَّاسِ) لِأَنَّهُ يَجْمَعُهُمْ عَلَى كَبِيرَةٍ هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا، وَكَلَامُ سَعْدِيٍّ أَفَنْدِي يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِالْأُجْرَةِ فَتَأَمَّلْ. وَأَمَّا الْمُغَنِّي لِنَفْسِهِ لِدَفْعِ وَحْشَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ عِنَايَةٌ، وَصَحَّحَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ: وَلَوْ فِيهِ وَعْظٌ وَحِكْمَةٌ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ فِي الْعُرْسِ كَمَا جَازَ ضَرْبُ الدُّفِّ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ مُطْلَقًا اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ: وَالْمُذْهَبُ حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا فَانْقَطَعَ الِاخْتِلَافُ، بَلْ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَلَوْ لِنَفْسِهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ. قَالَ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَسْمَعُ الْغِنَاءَ أَوْ يَجْلِسُ مَجْلِسَ الْغِنَاءِ. زَادَ الْعَيْنِيُّ: أَوْ مَجْلِسَ الْفُجُورِ وَالشَّرَابِ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ بِهِمْ وَتَرْكَهُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ يُسْقِطُ عَدَالَتَهُ (أَوْ يَرْتَكِبُ مَا يُحَدُّ بِهِ) لِلْفِسْقِ، وَمُرَادُهُ مَنْ يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ (أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إزَارٍ) لِأَنَّهُ حَرَامٌ (أَوْ يَلْعَبُ بِنَرْدٍ) أَوْ طَابٍ مُطْلَقًا قَامَرَ أَوْ لَا:
ــ
[رد المحتار]
عَدَالَتُهُ لِأَنَّ الْإِدْمَانَ أَمْرٌ آخَرُ وَرَاءَ الْإِعْلَانِ بَلْ لِأَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ فَلَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إلَّا الْإِصْرَارُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِالْإِدْمَانِ، قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: وَلَا تَسْقُطُ عَدَالَةُ شَارِبِ الْخَمْرِ بِنَفْسِ الشُّرْبِ لِأَنَّ هَذَا الْحَدَّ مَا ثَبَتَ بِنَصٍّ قَاطِعٍ إلَّا إذَا دَامَ عَلَى ذَلِكَ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ وَذَكَرَ ابْنُ الْكَمَالِ أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ، لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ فَلَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إلَّا بِالْإِصْرَارِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ عِبَارَةِ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْمُتَقَدِّمَةِ اهـ. لَكِنْ فِي الْهَامِشِ قَالَ تَحْتَ قَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ: أَيْ مِنْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ شُرْبَ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ كَبِيرَةٌ وَإِنَّمَا شَرَطَ الْمَشَايِخُ الْإِدْمَانَ لِيَظْهَرَ شُرْبُهُ عِنْدَ الْقَاضِي اهـ ح.
(قَوْلُهُ الْقَصَبِ) الَّذِي فِي الْمِنَحِ الْقَضِيبُ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَرْقُصُوا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةُ كَانُوا فَتَأَمَّلْ. وَالْوَجْهُ أَنَّ اسْمَ مُغَنِّيَةٍ وَمُغَنٍّ: إنَّمَا هُوَ فِي الْعُرْفِ لِمَنْ كَانَ الْغِنَاءُ حِرْفَتَهُ الَّتِي يَكْتَسِبُ بِهَا الْمَالَ وَهُوَ حَرَامٌ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ التَّغَنِّي لِلَّهْوِ أَوْ لِجَمْعِ الْمَالِ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، وَحِينَئِذٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اتَّخَذَ التَّغَنِّيَ صِنَاعَةً يَأْكُلُ بِهَا وَتَمَامُهُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) كَابْنِ كَمَالٍ.
(قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْعَيْنِيُّ.
(قَوْلُهُ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا) اعْلَمْ أَنَّ التَّغَنِّيَ لِإِسْمَاعِ الْغَيْرِ وَإِينَاسِهِ حَرَامٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ يَتَغَنَّى لِيَسْتَفِيدَ بِهِ نَظْمَ الْقَوَافِي وَيَصِيرَ فَصِيحَ اللِّسَانِ لَا بَأْسَ. أَمَّا التَّغَنِّي لِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ، قِيلَ لَا يُكْرَهُ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، لِمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَزْهَدِ الصَّحَابَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالْمَكْرُوهُ عَلَى قَوْلِهِ مَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ اللَّهْوِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ يُكْرَهُ وَبِهِ أَخَذَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَزَّازِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ ضَرْبُ الدُّفِّ فِيهِ) جَوَازُ ضَرْبِ الدُّفِّ فِيهِ خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّهُ مُبَاحٌ فِي النِّكَاحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَادِثِ سُرُورٍ. قَالَ: وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرِّجَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِلتَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ.
(قَوْلُهُ فَانْقَطَعَ الِاخْتِلَافُ) فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ، وَقَدْ رَدَّ السَّائِحَانِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَلْعَبُ بِنَرْدٍ) أَيْ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ طَابٍ) نَوْعٌ مِنْ اللَّعِبِ كَذَا فِي الْهَامِشِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِعْبُ الطَّابِ فِي بِلَادِنَا مِثْلُهُ لِأَنَّهُ يَرْمِي وَيَطْرَحُ بِلَا حِسَابٍ وَإِعْمَالِ فِكْرٍ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ مِمَّا أَحْدَثَهُ الشَّيْطَانُ وَعَمِلَهُ أَهْلُ الْغَفْلَةِ فَهُوَ حَرَامٌ سَوَاءٌ قُومِرَ بِهِ أَوْ لَا اهـ.