أَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَلِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ شَرْطٌ وَاحِدٌ مِنْ سِتٍّ فَلِذَا قَالَ (أَوْ يُقَامِرُ بِشِطْرَنْجٍ أَوْ يَتْرُكُ بِهِ الصَّلَاةَ) حَتَّى يَفُوتَ وَقْتُهَا (أَوْ يَحْلِفُ عَلَيْهِ) كَثِيرًا (أَوْ يَلْعَبُ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ يَذْكُرُ عَلَيْهِ فِسْقًا) أَشْبَاهٌ أَوْ يُدَاوِمُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ أَفَنْدِي مَعْزِيًّا لِلْكَافِي وَالْمِعْرَاجِ.
(أَوْ يَأْكُلُ الرِّبَا) قَيَّدُوهُ بِالشُّهْرَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفِسْقَ يَمْنَعُهَا شَرْعًا إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُثْبِتُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ظُهُورِهِ لَهُ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ بَحْرٌ فَلْيُحْفَظْ (أَوْ يَبُولُ أَوْ يَأْكُلُ عَلَى الطَّرِيقِ) وَكَذَا كُلُّ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ، وَمِنْهُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِيَسْتَنْجِيَ مِنْ جَانِبِ الْبِرْكَةِ وَالنَّاسُ حُضُورٌ وَقَدْ كَثُرَ فِي زَمَانِنَا فَتْحٌ (أَوْ يُظْهِرُ سَبَّ السَّلَفِ) لِظُهُورِ فِسْقِهِ، بِخِلَافِ مَنْ يُخْفِيهِ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ مَسْتُورٌ عَيْنِيٌّ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالسَّلَفِ تَبَعًا لِكَلَامِهِمْ؛ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ سَبُّ مُسْلِمٍ لِسُقُوطِ الْعَدَالَةِ بِسَبِّ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّلَفِ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَالنِّهَايَةِ. وَفِيهَا: الْفَرْقُ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، أَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْخَلَفَ: بِالْفَتْحِ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي الْخَيْرِ، وَبِالسُّكُونِ فِي الشَّرِّ بَحْرٌ، وَفِيهِ عَنْ الْعِنَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا أَقْبَلُ شَهَادَةَ مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ وَأَقْبَلُهَا مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ دِينًا وَإِنْ كَانَ عَلَى بَاطِلٍ فَلَمْ يَظْهَرْ فِسْقُهُ بِخِلَافِ السَّابِّ.
شَهِدَا أَنَّ أَبِيهِمَا أَوْصَى إلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْتُ: وَمِثْلُهُ اللَّعِبُ بِالصِّينِيَّةِ وَالْخَاتَمِ فِي بِلَادِنَا، وَإِنْ تَوَرَّعَ وَلَمْ يَلْعَبْ وَلَكِنْ حَضَرَ فِي مَجْلِسِ اللَّعِبِ بِدَلِيلِ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسَ الْغِنَاءِ، وَبِهِ يَظْهَرُ جَهْلُ أَهْلِ الْوَرَعِ الْبَارِدِ.
(قَوْلُهُ أَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَلِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ) أَيْ اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا بِإِبَاحَتِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ.
أَقُولُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ ذَكَرَهَا فِي الْمُجْتَبَى وَلَمْ تَشْتَهِرْ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ، بَلْ الْمَشْهُورُ الرَّدُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَابْنُ الشِّحْنَةِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاخْتِيَارِ سَائِحَانِيٌّ، وَانْظُرْ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ لِلْأُسْتَاذِ عَبْدِ الْغَنِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ) أَيْ لِحُرْمَتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَالَةَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِالشِّطْرَنْجِ إذَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ خَمْسَةٍ: الْقِمَارُ وَفَوْتُ الصَّلَاةِ بِسَبَبِهِ وَإِكْثَارُ الْحَلِفِ عَلَيْهِ وَاللَّعِبُ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، أَوْ يَذْكُرُ عَلَيْهِ فِسْقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بَحْرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الطَّرِيقِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ مَنْ يَلْعَبَهُ عَلَى الطَّرِيقِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ فَلِإِتْيَانِهِ الْأُمُورَ الْمُحَقَّرَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُدَاوِمُ عَلَيْهِ) هَذَا سَادِسُ السِّتَّةِ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ قَيَّدُوهُ بِالشُّهْرَةِ) قِيلَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ كَانَ الْوَاقِعُ لَيْسَ إلَّا تُهْمَةَ أَكْلِ الرِّبَا وَلَا تَسْقُطُ الْعَدَالَةُ بِهِ، وَهَذَا أَقْرَبُ، وَمَرْجِعُهُ إلَى مَا ذَكَرَ فِي وَجْهِ تَقْيِيدِ شُرْبِ الْخَمْرِ بِالْإِدْمَانِ.
(قَوْلُهُ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ) أَيْ كُلُّ الْمُفَسِّقَاتِ لَا خُصُوصُ الرِّبَا سَائِحَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ بَحْرٌ) أَصْلُ الْعِبَارَةِ لِلْكَمَالِ حَيْثُ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِسْقَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَانِعٌ شَرْعًا غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُرَتِّبُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ظُهُورِهِ لَهُ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ قَبْلَهُ: وَأَمَّا أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ أَحَدٌ وَنَصُّوا أَنَّهُ بِمَرَّةٍ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الظُّهُورِ لِلْقَاضِي لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَرُدُّ بِهِ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ فَكَأَنَّهُ بِمَرَّةٍ يَظْهَرُ لِأَنَّهُ يُحَاسَبُ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ اسْتَنْقَصَ مِنْ الْمَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَأْكُلُ عَلَى الطَّرِيقِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِمَرْأَى مِنْ النَّاسِ بَحْرٌ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي الصَّغِيرَةِ الْإِدْمَانَ، وَمَا شَرَطُوهُ فِي فِعْلِ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ فِيمَا رَأَيْتُ، وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ بِالْأَوْلَى، وَإِذَا فَعَلَ مَا يُخِلُّ بِهَا سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا حَيْثُ كَانَ مُبَاحًا، فَفَاعِلُ الْمُخِلِّ بِهَا لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَلَا عَدْلٍ، فَالْعَدْلُ مَنْ اجْتَنَبَ الثَّلَاثَةَ، وَالْفَاسِقُ مَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً أَوْ أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ. وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَعْتَادُ الصِّيَاحَ فِي الْأَسْوَاقِ بَحْرٌ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَأَمَّا إذَا شَرِبَ الْمَاءَ أَوْ أَكَلَ الْفَوَاكِهَ عَلَى الطَّرِيقِ لَا يُقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا تَسْتَقْبِحُ ذَلِكَ مِنَحٌ س.
(قَوْلُهُ أَوْصَى إلَيْهِ) أَيْ إلَى زَيْدٍ،