للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ ادَّعَاهُ (صَحَّتْ) شَهَادَتُهُمَا اسْتِحْسَانًا كَشَهَادَةِ دَائِنَيْ الْمَيِّتِ وَمَدْيُونَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُمَا وَوَصِيَّيْهِ لِثَالِثٍ عَلَى الْإِيصَاءِ (وَإِنْ أَنْكَرَ لَا) لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَ أَحَدٍ عَلَى قَبُولِ الْوَصِيَّةِ عَيْنِيٌّ (كَمَا) لَا تُقْبَلُ (لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبِيهِمَا الْغَائِبَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ وَادَّعَى الْوَكِيلُ أَوْ أَنْكَرَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَكِيلِ عَلَى الْغَائِبِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ.

(شَهِدَ الْوَصِيُّ) أَيْ وَصِيُّ الْمَيِّتِ (بِحَقٍّ لِلْمَيِّتِ) بَعْدَمَا عَزَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ وَنَصَّبَ غَيْرَهُ أَوْ بَعْدَ مَا أَدْرَكَ الْوَرَثَةُ (لَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ لِلْمَيِّتِ فِي مَالِهِ أَوْ غَيْرِهِ (خَاصَمَ أَوْ لَا) لِحُلُولِ الْوَصِيِّ مَحَلَّ الْمَيِّتِ، وَلِذَا لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ بِلَا عَزْلِ قَاضٍ فَكَانَ كَالْمَيِّتِ نَفْسِهِ فَاسْتَوَى خِصَامُهُ وَعَدَمُهُ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَلِذَا قَالَ (وَلَوْ شَهِدَ الْوَكِيلُ بَعْدَ عَزْلِهِ لِلْمُوَكِّلِ إنْ خَاصَمَ) فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ عَزْلِهِ (لَا تُقْبَلُ) اتِّفَاقًا لِلتُّهْمَةِ (وَإِلَّا قُبِلَتْ) لِعَدَمِهَا خِلَافًا لِلثَّانِي فَجَعَلَهُ

ــ

[رد المحتار]

وَالْأَوْلَى إظْهَارُهُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ رَضِيَ بِهِ سَعْدِيَّةٌ وَعَزْمِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَالْمُوصَى لَهُمَا) أُورِدَ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ فَالْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ إلَى نَصْبِ آخَرَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِإِقْرَارِهِمَا بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ لِثَالِثٍ) أَيْ لِرَجُلٍ ثَالِثٍ مُتَعَلِّقٌ بِشَهَادَةٍ كَقَوْلِهِ عَلَى الْإِيصَاءِ، أَيْ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِالْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لَا بِالْأَخِيرَةِ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ. وَفِي الْبَحْرِ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَيِّتِ مَعْرُوفًا فِي الْكُلِّ، أَيْ ظَاهِرًا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمَدْيُونَيْنِ لِأَنَّهُمَا يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْقَبْضِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ وَثَبَتَ مَوْتُهُ بِإِقْرَارِهِمَا فِي حَقِّهِمَا، وَقِيلَ مَعْنَى الثُّبُوتِ أَمْرُ الْقَاضِي إيَّاهُمَا بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ لَا بَرَاءَتُهُمَا عَنْ الدَّيْنِ بِهَذَا الْأَدَاءِ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ مِنْهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِمَا، وَالْبَرَاءَةُ حَقٌّ لَهُمَا فَلَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْكَافِي اهـ مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ عَلَى قَبُولِ الْوَصِيَّةِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَصِيَّ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ لَوْ شَهِدَا إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ يَجْحَدُ الْوَكَالَةَ وَإِلَّا جَازَتْ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ بِإِقْرَارِهِ بِدُونِ الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا قَامَتْ الشَّهَادَةُ لِإِبْرَاءِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ إذَا حَضَرَ الطَّالِبُ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ فَكَانَتْ شَهَادَةً عَلَى أَبِيهِمَا فَتُقْبَلُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي دَارٍ بِعَيْنِهَا وَقَبَضَهَا وَشَهِدَ ابْنَا الْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الدَّارِ إلَى الْوَكِيلِ بِحُكْمِ إقْرَارِهِ بَلْ بِالشَّهَادَةِ فَكَانَتْ لِأَبِيهِمَا فَلَا تُقْبَلُ بَحْرٌ مُلَخَّصًا عَنْ الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ أَبَاهُمَا) أَشَارَ إلَى عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ ابْنِ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى، وَالْمُرَادُ عَدَمُ قَبُولِهَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ كُلِّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ الْغَائِبَ) قَيَّدَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَا يُمْكِنُ الدَّعْوَى بِهَا لِيَشْهَدَا لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِرَةِ، لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ صُورَةِ شَهَادَتِهِمَا فِي غَيْبَتِهِ مَعَ جَحْدِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى. وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِأَنْ يَدَّعِيَ صَاحِبُ وَدِيعَةٍ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ وَدِيعَةِ الْمُوَكِّلِ فِي دَفْعِهَا فَيَجْحَدُ فَيَشْهَدَانِ بِهِ وَبِقَبْضِ دُيُونِ أَبِيهِمَا، وَإِنَّمَا صَوَّرْنَاهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى فِعْلِ مَا وُكِّلَ بِهِ إلَّا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِيهَا بَحْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَيَّنَّاهُ فِي حَاشِيَتِهِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ عَنْ الْغَائِبِ) لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ لِوُجُودِ رَجَاءِ حُضُورِهِ س. قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ ذِكْرِ الْغَائِبِ إلَّا فِي الْمَفْقُودِ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ) وَكَذَا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بَعْدَ مَا عَزَلَهُ الْقَاضِي وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَزَلَ الْوَصِيَّ يَنْعَزِلُ بَزَّازِيَّةٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَزْلُهُ بِجُنْحَةٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ إلَخْ) أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَكَّلَهُ بِطَلَبِ أَلْفِ دِرْهَمٍ قِبَلَ فُلَانٍ وَالْخُصُومَةِ فَخَاصَمَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ ثُمَّ شَهِدَ الْوَكِيلُ بِهَذَا الْمَالِ لِمُوَكِّلِهِ يَجُوزُ. وَقَالَ الثَّانِي لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْوَكِيلِ قَامَ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ اهـ فَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ خَاصَمَ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ، فَإِنْ خَاصَمَ فِي غَيْرِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>