للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ عَيْنٍ كَمَا فِي وَصَايَا الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ وَسَيَجِيءُ ثَمَّةَ (وَ) كَ (شَهَادَةِ وَصِيَّيْنِ لِوَارِثٍ كَبِيرٍ) عَلَى أَجْنَبِيٍّ (فِي غَيْرِ مَالِ الْمَيِّتِ) فَإِنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِوَارِثٍ بَالِغٍ تُقْبَلُ بَزَّازِيَّةٌ (وَلَوْ) شَهِدَا (فِي مَالِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (لَا) خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ لِصَغِيرٍ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا، وَسَيَجِيءُ فِي الْوَصَايَا.

(كَمَا) لَا تُقْبَلُ (الشَّهَادَةُ عَلَى جَرْحٍ) بِالْفَتْحِ: أَيْ فِسْقٍ (مُجَرَّدٍ) عَنْ إثْبَاتِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْعَبْدِ، فَإِنْ تَضَمَّنَتْهُ قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا (بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَ) لَوْ (قَبْلَهُ قُبِلَتْ) أَيْ الشَّهَادَةُ بَلْ الْإِخْبَارُ وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ كَذَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِمَا قَرَّرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ، وَأَقَرَّهُ مُنْلَا خُسْرو وَأَدْخَلَهُ تَحْتَ قَوْلِهِمْ: الدَّفْعُ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ، وَأَطْلَقَ ابْنُ الْكَمَالِ رَدَّهَا تَبَعًا لِعَامَّةِ الْكُتُبِ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْوَانِيِّ وَعَزْمِي زَادَهْ الْمَيْلُ إلَيْهِ، وَكَذَا الْقُهُسْتَانِيُّ حَيْثُ قَالَ: وَفِيهِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَلْتَفِتْ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَلَكِنْ يُزَكَّى الشُّهُودُ سِرًّا وَعَلَنًا، فَإِنْ عُدِّلُوا قَبِلَهَا وَعَزَاهُ لِلْمُضْمَرَاتِ

ــ

[رد المحتار]

أَبِي يُوسُفَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ أَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ إذَا قَبَضَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِدَيْنِهِ شَارَكَهُ الْفَرِيقُ الْآخَرُ فَصَارَ كُلٌّ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ عَيْنٍ) كَمَا إذَا شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ بِأَلْفٍ فَادَّعَى الشَّاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُمَا بِأَلْفٍ وَشَهِدَ الْمُوصَى لَهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى بَعْدَ هَلَاكِ التَّرِكَةِ فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُثْبِتًا لِنَفْسِهِ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ فِي التَّرِكَةِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا، وَاحْتُرِزَ بِالْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ عَيْنٍ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِهَا، كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ بِعَيْنٍ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُمَا بِعَيْنٍ أُخْرَى فَإِنَّهَا تُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ وَلَا تُهْمَةَ اهـ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى) وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ تَعْزِيرًا، وَانْظُرْ بَابَ التَّعْزِيرِ مِنْ الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا زَانِي.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) تَكْرَارٌ س. (قَوْلُهُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ) وَلَوْ قَبْلَهُ قُبِلَتْ. ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ إذَا ادَّعَاهُ الْخَصْمُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ جَهْرًا أَمَّا إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِيَ بِهِ سِرًّا وَكَانَ مُجَرَّدًا طُلِبَ مِنْهُ الْبُرْهَانُ عَلَيْهِ، فَإِذَا بَرْهَنَ عَلَيْهِ سِرًّا أَبْطَلَ الشَّهَادَةَ لِتَعَارُضِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَيُقَدَّمُ الْجَرْحُ، فَإِذَا قَالَ الْخَصْمُ لِلْقَاضِي سِرًّا إنَّ الشَّاهِدَ أَكَلَ رِبًا وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ رَدَّ شَهَادَتَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْكَافِي اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبُرْهَانُ جَهْرًا لَا يُقْبَلُ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ لِفِسْقِ الشُّهُودِ بِهِ بِإِظْهَارِ الْفَاحِشَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدُوا سِرًّا كَمَا بَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى الْجَرْحِ وَلَوْ مُجَرَّدًا أَوْ بَعْدَ التَّعْدِيلِ لَوْ شَهِدُوا بِهِ سِرًّا، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا تُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ بِمَا إذَا كَانَ جَهْرًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْكَافِي أَنَّ الْخَصْمَ لَا يَضُرُّهُ الْإِعْلَانُ بِالْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْتَبِهْ بِالشُّهُودِ سِرًّا وَفَسَقَ بِإِظْهَارِ الْفَاحِشَةِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ، بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّمَا تَسْقُطُ شَهَادَتُهُمْ بِفِسْقِهِمْ بِذَلِكَ، وَكَذَا يُقْبَلُ عِنْدَ سُؤَالِ الْقَاضِي.

قَالَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ الْبَابِ الْمَارِّ: وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْجَرْحَ يُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ سَوَاءٌ كَانَ مُجَرَّدًا أَوْ لَا عِنْدَ سُؤَالِ الْقَاضِي عَنْ الشَّاهِدِ وَالتَّفْصِيلُ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُجَرَّدًا لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِهِ أَوْ لَا فَتُسْمَعُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ طَعْنِ الْخَصْمِ فِي الشَّاهِدِ عَلَانِيَةً اهـ. هَذَا، وَقَدْ مَرَّ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدِ بِلَا طَعْنٍ مِنْ الْخَصْمِ. وَعِنْدَهُمَا يَسْأَلُ مُطْلَقًا، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ الْقَوْلُ بِرَدِّ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ قَبْلَ التَّعْدِيلِ. وَأَجَابَ السَّائِحَانِيُّ بِأَنَّ مَنْ قَالَ تُقْبَلُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي حِينَئِذٍ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ، وَمَنْ قَالَ تُرَدُّ أَرَادَ أَنَّ التَّعْدِيلَ لَوْ كَانَ ثَابِتًا أَوْ أُثْبِتَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُعَارِضُهُ الْجَرْحُ الْمُجَرَّدُ فَلَا تَبْطُلُ الْعَدَالَةُ اهـ وَيُشِيرُ إلَى هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْكَمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>