للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَعَلَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا قَوْلِهِ فَتَنَبَّهْ (مِثْلُ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى شُهُودِ الْمُدَّعِي) عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ (بِأَنَّهُمْ فَسَقَةٌ أَوْ زُنَاةٌ أَوْ أَكَلَةُ الرِّبَا أَوْ شَرَبَةُ الْخَمْرِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ أَوْ أَنَّهُمْ أُجَرَاءُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى أَوْ أَنَّهُ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ) فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ بَلْ قَبْلَهُ دُرَرٌ، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ (وَتُقْبَلُ لَوْ شَهِدُوا عَلَى) الْجَرْحِ الْمُرَكَّبِ (كَإِقْرَارِ الْمُدَّعِي بِفِسْقِهِمْ أَوْ إقْرَارِهِ بِشَهَادَتِهِمْ بِزُورٍ أَوْ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ) أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا الْمَجْلِسَ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْحَقُّ عَيْنِيٌّ (أَوْ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ

ــ

[رد المحتار]

فَإِنْ قُلْتَ: أَلَيْسَ الْخَبَرُ عَنْ فِسْقِ الشُّهُودِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ يَمْنَعُ الْقَاضِيَ عَنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ وَالْحُكْمِ بِهَا.

قُلْتُ: نَعَمْ، لَكِنَّ ذَلِكَ لِلطَّعْنِ فِي عَدَالَتِهِمْ لَا لِسُقُوطِ أَمْرٍ يُسْقِطُهُمْ عَنْ حَيِّزِ الْقَبُولِ، وَلِذَا لَوْ عُدِّلُوا بَعْدَ هَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى فِسْقِهِمْ مَقْبُولَةً لَسَقَطُوا عَنْ حَيِّزِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَجَالُ التَّعْدِيلِ اهـ وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْقُهُسْتَانِيِّ، وَكَذَلِكَ كَلَامُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَمُنْلَا خُسْرو، وَيَرْجِعُ إلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ.

(قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ) أَقُولُ: الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يُزَكَّى الشُّهُودُ سِرًّا وَعَلَنًا، أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَيُكْتَفَى بِالتَّزْكِيَةِ عَلَنًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ. أَمَّا إذَا طَعَنَ كَمَا هُنَا فَلَا اخْتِلَافَ، بَلْ هُوَ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ مِنْ أَنَّهُمْ يُزَكَّوْنَ سِرًّا وَعَلَنًا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ وَجْهُ أَمْرِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ فَتَنَبَّهْ س وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى الْإِطْلَاقِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَطْلَقَ الْكَمَالُ.

(قَوْلُهُ أَوْ زُنَاةٌ إلَخْ) أَيْ عَادَتُهُمْ الزِّنَا أَوْ أَكْلُ الرِّبَا أَوْ الشُّرْبُ وَفِي هَذَا لَا يَثْبُتُ الْحَدُّ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُمْ زَنَوْا أَوْ سَرَقُوا مِنِّي إلَخْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلٍ خَاصٍّ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.

[فَرْعٌ] ذَكَرَهُ فِي الْهَامِشِ: وَمَنْ ادَّعَى مِلْكًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهُ مِلْكُ غَيْرِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ شَهِدَ بِمِلْكٍ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ شَهِدَ بِهِ لِغَيْرِهِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ وَاحِدٍ ثُمَّ شَهِدَ بِهِ لِآخَرَ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الشَّاهِدَ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكِي يُقْبَلُ، وَالشَّاهِدُ لَوْ أَنْكَرَ الْإِقْرَارَ لَا يَحْلِفُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ) تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ) قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ، لِأَنَّ الْعَدَالَةَ بَعْدَ مَا ثَبَتَتْ لَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِإِثْبَاتِ حَقِّ الشَّرْعِ أَوْ الْعَبْدِ كَمَا عَرَفْتَ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ إثْبَاتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَتْ قَبْلَ التَّعْدِيلِ فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي الدَّفْعِ كَمَا مَرَّ، كَذَا قَالَهُ مُنْلَا خُسْرو وَغَيْرُهُ.

فَإِنْ قُلْتَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ إثْبَاتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْنِي حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقَّ الْعَبْدِ، لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ بِشَهَادَةِ الزُّورِ أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ مَعَ ذَهَابِ الرَّائِحَةِ مُوجِبٌ لِلتَّعْزِيرِ وَهُوَ هُنَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.

قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِمَا يُوجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى الْحَدُّ لَا التَّعْزِيرُ لِقَوْلِهِمْ وَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْقَاضِي إلْزَامُهُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُهُ بِالتَّوْبَةِ، لِأَنَّ التَّعْزِيرَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، بِخِلَافِ الْحَدِّ لَا يَسْقُطُ بِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.

قُلْتُ: لَكِنْ صَرَّحَ فِي تَعْزِيرِ الْبَحْرِ أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَخْتَصُّ بِالْحَدِّ بَلْ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ التَّعْزِيرِ، وَصَرَّحَ هُنَاكَ أَيْضًا بِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا كَانَ حَقًّا لِلْعَبْدِ لَا يَسْقُطُ بِهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعِي) قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْجَرْحِ مَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِفِسْقِهِمْ أَوْ أَنَّهُمْ أُجَرَاءُ أَوْ لَمْ يَحْضُرُوا الْوَاقِعَةَ أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ أَوْ عَلَى رِقِّ الشَّاهِدِ أَوْ عَلَى شَرِكَةِ الشَّاهِدِ فِي الْعَيْنِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لِلْخَصْمِ أَنْ يَطْعَنَ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَنْ يَقُولَ هُمَا عَبْدَانِ أَوْ مَحْدُودَانِ فِي قَذْفٍ أَوْ شَرِيكَانِ، فَإِذَا قَالَ هُمَا عَبْدَانِ يُقَالُ لِلشَّاهِدَيْنِ أَقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَفِي الْآخَرَيْنِ يُقَالُ لِلْخَصْمِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا كَذَلِكَ اهـ. فَعَلَى هَذَا الْجَرْحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>