للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الدُّرَرِ عَنْ الْمَسْعُودِيَّةِ: لَوْ عَفَا الْمَجْرُوحُ أَوْ الْأَوْلِيَاءُ بَعْدَ الْجُرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ جَازَ الْعَفْوُ اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ: جَرِيحٌ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَمَاتَ فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُورَثِ وَقَدْ أَكْذَبَهُمْ وَلَوْ قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ وَمَاتَ فَبَرْهَنَ ابْنُهُ عَلَى ابْنِ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً قُبِلَتْ لِقِيَامِهَا عَلَى حِرْمَانِهِ الْإِرْثَ.

(سَقَاهُ سُمًّا حَتَّى مَاتَ، إنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ حَتَّى أَكَلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَمَاتَ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ لَكِنَّهُ يُحْبَسُ وَيُعَزَّرُ، وَلَوْ أَوْجَرَهُ) السُّمَّ (إيجَارًا تَجِبُ الدِّيَةُ) عَلَى عَاقِلَتِهِ (وَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ فِي شَرْبَةٍ فَشَرِبَهُ وَمَاتَ) مِنْهُ (فَكَالْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ شَرِبَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ إلَّا أَنَّ الدَّفْعَ خُدْعَةٌ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا التَّعْزِيرُ وَالِاسْتِغْفَارُ خَانِيَّةٌ (وَإِنْ قَتَلَهُ بِمَرٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ: مَا يُعْمَلُ فِي الطِّينِ (يُقْتَصُّ إنْ أَصَابَهُ حَدُّ الْحَدِيدِ) أَوْ ظَهْرُهُ وَجَرَحَهُ إجْمَاعًا كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُجْتَبَى (وَإِلَّا) يُصِبْهُ حَدُّهُ بَلْ قَتَلَهُ بِظَهْرِهِ وَلَمْ يَجْرَحْهُ (لَا) يُقْتَصُّ فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ بِلَا جُرْحٍ فِي حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَذَهَبٍ وَنَحْوِهَا، وَعَزَاهُ فِي الدُّرَرِ لِقَاضِي خَانْ؛ لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخُلَاصَةِ

ــ

[رد المحتار]

الدِّيَةِ ثُلُثُهَا وَيُعَدُّ قَوْلُهُ لَمْ يَجْرَحْنِي إسْقَاطًا لِلْمَالِ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ اهـ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ وَفِي الدُّرَرِ عَنْ الْمَسْعُودِيَّةِ إلَخْ) تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ لَا قَوَدَ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ مُسْلِمًا اهـ ح (قَوْلُهُ عَلَى آخَرَ) أَيْ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْمُوَرِّثِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَكْذَبَهُمْ) أَيْ أَكْذَبَ الشُّهُودَ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ (قَوْلُهُ فَبَرْهَنَ ابْنُهُ عَلَى ابْنٍ آخَرَ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ، وَالصَّوَابُ مَا هُنَا وَلِذَا قَالَ الْبِيرِيُّ: إنَّ مَا فِي الْأَشْبَاهِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ لِقِيَامِهَا عَلَى حِرْمَانِهِ الْإِرْثَ) بَيَانٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ مَا إذَا أُقِيمَتْ عَلَى ابْنِ الْمَجْرُوحِ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى حِرْمَانِ الْوَلَدِ الْإِرْثَ فَلَمَّا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ جَعَلْنَا الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ اهـ

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ) وَكَذَا إذَا عَلِمَ بِالْأَوْلَى ط (قَوْلُهُ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ) وَيَرِثُ مِنْهُ هِنْدِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ حَتَّى أَكَلَهُ) أَيْ بِاخْتِيَارِهِ، وَالْأَوْلَى حَتَّى شَرِبَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْجَرَهُ إلَخْ) أَيْ صَبَّهُ فِي حَلْقِهِ عَلَى كُرْهٍ، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ وَأَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ حَتَّى شَرِبَ فَلَا قِصَاصَ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ تَتَارْخَانِيَّةٌ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ وَلَمْ يُفَصِّلْ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِمَا لَا يَجْرَحُ فَكَانَ خَطَأَ الْعَمْدِ عَلَى مَذْهَبِهِ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عِنْدَ هُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ مَا أَوْجَرَ مِنْ السُّمِّ مِقْدَارًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا فَهُوَ عَمْدٌ وَإِلَّا فَخَطَأُ الْعَمْدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمْ جَمِيعًا خَطَأُ الْعَمْدِ مُطْلَقًا اهـ مُلَخَّصًا: وَذَكَرَ السَّائِحَانِيُّ أَنَّ شَيْخَهُ أَبَا السُّعُودِ ذَكَرَ فِي بَابِ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ بِالسُّمِّ قِيلَ يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ النَّارِ وَالسِّكِّينِ، وَرَجَّحَهُ السَّمَرْقَنْدِيُّ اهـ أَيْ إذَا أَوْجَرَهُ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا التَّعْزِيرُ وَالِاسْتِغْفَارُ) أَيْ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً بِتَسَبُّبِهِ لِقَتْلِ النَّفْسِ.

[تَنْبِيهٌ] أَقَرَّ أَنَّهُ أَهْلَكَ فُلَانًا بِالدُّعَاءِ أَوْ بِالسِّهَامِ الْبَاطِنَةِ أَوْ بِقِرَاءَةِ الْأَنْفَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: " لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إلَّا اللَّهُ " وَلَمْ يُوجَدْ نَصٌّ بِإِهْلَاكِهِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَبِالْإِقْرَارِ كَاذِبًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِبُنُوَّةِ رَجُلٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْمُقِرِّ سِنًّا، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَهْلَكَ فُلَانًا بِقِرَاءَةِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَهْرِيَّةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ لِوُقُوعِهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ آلَةِ الْقَتْلِ وَسَبَبِهِ اهـ بِيرِيٌّ عَنْ حَاوِي الْقُنْيَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَا يُعْمَلُ بِهِ فِي الطِّينِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ: الْمَرُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ: وَهُوَ خَشَبَةٌ طَوِيلَةٌ فِي رَأْسِهَا حَدِيدَةٌ عَرِيضَةٌ مِنْ فَوْقِهَا خَشَبَةٌ عَرِيضَةٌ يَضَعُ الرَّجُلُ رِجْلَهُ عَلَيْهَا وَيَحْفِرُ بِهَا الْأَرْضَ (قَوْلُهُ بَلْ قَتَلَهُ بِظَهْرِهِ إلَخْ) وَإِنْ أَصَابَهُ بِالْعُودِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ، وَقَدْ مَرَّتْ أَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>