للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ الْوَجِيزِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي وَلَكِنْ يُخَيَّرُ فِي تَضْمِينِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ، وَرَضِيَ بِهِ الْغَاصِبُ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَلَكِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَيُضَمِّنَ الثَّانِيَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُضَمِّنَ الثَّانِيَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، وَهُوَ مُفْلِسٌ فَالْحَاكِمُ يَأْمُرُ الْأَوَّلَ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَى الثَّانِي، وَيُعْطِيهِ لَهُ فَإِنْ أَبَى فَالْمَالِكُ يُحْضِرُهُمَا ثُمَّ تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الثَّانِي فَيَقْضِيهِ انْتَهَى.

غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ، وَأَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ قَالَ صَاحِبُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ يَرْجُوَانِهِ يُرِيدُ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ رَجَوْت أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الصُّغْرَى.

إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً فَغَصَبَهَا مِنْهُ آخَرُ فَأَبَقَتْ فَرَجَعَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ إلَى الْقَاضِي، وَتَصَادَقُوا عَلَى الْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِذَا دَفَعَ الثَّانِي الضَّمَانَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ كَمَا لَوْ رَدَّ عَيْنَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ.

غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَصْبَ أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ، وَلَوْ رَدَّ الثَّانِي عَيْنَ الْغَصْبِ عَلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عِنْدَ الْكُلِّ.

وَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الثَّانِي لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَكَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الثَّانِي غَاصِبُ الْمُودَعِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ كيليا أَوْ وَزْنِيًّا فَاسْتَهْلَكَهُ الثَّانِي فَأَخَذَ الْأَوَّلُ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا يَبْرَأُ الثَّانِي لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَبْضُ عَيْنِهِ أَوْ بَدَلِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

لَوْ بَاعَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ، وَقَبَضَ ثَمَنَهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَلَوْ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِ الْغَاصِبَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ هَذِهِ فِي كَفَالَةِ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ كُلًّا مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَإِذَا ضَمَّنَ أَحَدَهُمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَبْرَأُ الْآخَرُ حَتَّى لَوْ تَوِيَ الْمَالُ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى.

وَلَوْ أَنَّ رِجَالًا غَصَبُوا مِنْ رَجُلٍ حَبَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا غَصَبَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ أُضَمِّنُهُمْ قِيمَتَهُ، وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْدَ رَجُلٍ لَمْ أُضَمِّنْهُ شَيْئًا.

رَجُلٌ غَصَبَ مَالًا فَغَصَبَهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ الْغَصْبِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاصِبٌ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَبْرَأُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا إنَّمَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ لِلْآخَرِ إذَا رَضِيَ مَنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ بِذَلِكَ أَوْ قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي أَمَّا بِدُونِ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ انْتَهَى.

رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَخَذَ غَيْرُ صَاحِبِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا، وَدَفَعَهُ إلَى

<<  <   >  >>